أجلس دائماً في مقعد السيارة الخلفي بجوار النافذة . أعلق نظرتي بإتجاه واحد، وأترك الأشياء تمر بسرعة... بيت، رصيف، عاملان على دراجة، عمال آخرون يزدحمون بسيارة ضيقة، سيارة فخمة، طفل يقف على باب البيت، سيدة تقطع الشارع، شجر، وشجر أيضاً، نخيل، أزهار، لوحة محل، لوحة محل أيضاً، رجل يمشي متكأ على عصا، قطة، عصفور، وأعمدة إنارة كل هذه الأشياء تمر أمام عيني كشريط تدور بكرته مع عجلات السيارة . أتجاوزها أنا بسرعة دون الغرق بالتفاصيل، ودون أن أربطها في الذاكرة. أتجاوزها برأسٍ    خفيف لا يلتقط شيئاً ولا يُلْقى شيئاً على كتفه. وبهذا الرأس أسير للحياة، وأتجاوز الأيام والأشياء بخفة. إلا أن قوس إبتسامتك الذي مر كلمح البرق هزم الرأس، والتجاوز، والخفة أيضاً!وانتصر لي أنا.. أنا التي تجاوزت كل هذا الشجر أعثر على خيطٍ صغير لمع لثواني من زاوية عينك اليمنى؟!