بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى ءاله وصحبه ومن والاه.

أما بعد.

نعيش هذه الأيام حال غربة حارقة لم تشهد لها الإنسانية مثيلا، أمراض وحروب وظلم كسا البلاد والعباد .

ومما يمكن الوقوف عليه في هذه الأسطر المعدودات، ظاهرة غريبة على المجتمع المسلم، تسربت إليه بسبب كثرة الرذيلة واستخفاف المسلمين بأمور لو وقعت عند سلف الأمة لثارت لها العامة قبل الخاصة، ألا وهي ظاهرة اغتصاب الطفولة وخطف برائتها .

لقد فتحت علينا الأبواق الإعلامية المأجورة أفواهها من كل حدب وصوب تحاول إيجاد حل ومخرج لهاته الكارثة الأخلاقية، ولكن فاقد الشيء لا يعطيه وما بني على فاسد فهو فاسد ،فهل يمكن أن يعالج الجلاد الضحية؟

الواجب علينا إخوة الإيمان طرح هذا الموضوع من الناحية الشرعية ، وأنا لا أتحدث عن حكم مرتكب هذه الفظائع والجرائم فحكمه واضح لا غبار عليه في شرعنا الحكيم، ولكن الواجب علينا إيجاد حل نفسي لفلذات أكبادنا من الخوف النفسي والهلع الذي أصاب الكثير منهم بسبب الأخبار المتداولة في هذا الموضوع.

لقد بين الله عز وجل لعباده طريق التربية المستقيم والمتوازن انطلاقا من سورة لقمان، فهي الأساس الذي يجب أن نبني عليه علاقاتنا مع أبناءنا، نصائح قيمة و إرشادات تربوية تكتب بماء العين لا الذهب، لو استثمرتها مع ولدك لرأيته رجلا في سن الطفولة وفارسا في زمن الخوف والهلع .

أول ما يجب التركيز عليه مع الأبناء بث روح الثقة في الله عز و جل وذلك ببيان قدرته العظيمة في حفظ المسلم من الخطوب التي قد تصيبه في سيره إلى الله، هاكم إذن أول النصائح التي أهداها لقمان لابنه:

يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16)

قال القرطبي رحمه الله:"وهذا القول من لقمان إنما قصد به إعلام ابنه بقدر قدرة الله تعالى"

أنظروا بارك الله فيكم إلى هذه الروح المعنوية التي بثها لقمان لابنه يزيل عنه الخوف باستحضار مراقبة الله له في كل وقت وحين والتي تنم عن اعتقاد الطفل بوجود الله معه -طبعا بعلمه عز وجل- كيف لا وهو القائل سبحانه:وهو معكم أينما كنتم. هذه الثقة في الله ترفع الحزن عن ولدك وتذيب حاجز الخوف من قلبه، فيهتز وجدانه و تسكن فرائصه ويزداد إيمانه الذي يفتح طريقه في حاضره ومستقبله ، وهاك وصية التثبيت لسيد الأولين والآخرين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي أهداها لرفيق دربه وأحب الناس إليه أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حيث قال له وهما في الغار والمشركون فوق رؤسهم ،ما ظنك في اثنين الله ثالثهما . قلها لولدك ما ظنك بنفسك والله معك أينما حللت وارتحلت.

قدم له الأدعية التي تحصنه وتدفع عنه البلاء والوباء ، كدعاء الخروج من البيت فعنه صلى الله عليه وسلم قال:النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، ولاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. قَالَ: يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟» (سنن أبي داود؛...

امسح رأس ولدك بكفيك مؤذنا بنزول السكينة عليه وعوذه التعويذات الشرعية التي تقيه بإذن الله وأمره من شر المخلوقات ما ظهر منها وما بطن،فقد كانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعُوِّذُ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ رضى الله عنهما ((أُعِيذُكُمَا بِكَلِماتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ))

اربط قلبه بالله وارفع يديك إلى السماء لاهجا بالدعاء بالحفظ لأبناءك وأبناء المسلمين، خذ بيده إلى طريق النجاح واجعله مشروعك الدنيوي الذي ستنال به رضا الله وجنته، علمه الصلاة وشجعه على الصيام وحفظه القرءان واقرأ عليه سير أبطال الأمة حتى يعلم أن الخوف ليس من شيم الأبطال بل هو خزي وعاريصيب الضعيف الكسلان، كن قدوة له عامله بالمحبة والحزم تنل رجلا مؤمنا صالحا يكون لك قرة عين في الدنيا و الآخرة .

ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ، وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

محبكم عبد الإله ايت امغار.