هناك نوع من الكيمياء العصبية التي تنتج عن الحب، وقد جرى تعريفها بأنها مواد كيميائية شبيهة بالأمفيتامين والأفيون، ويُفرَز هذا المزيج عندما يقع الناس في الحب. وترتبط حالات الحب الشديد بإفراز الأوكسيتوسين، وهو هرمون قوي يسبب الشعور بالتعلُّق. وما يحدث أيضًا هو أنك عندما تقع في الحب فإنك تشعر بهوس شديد نحو الشخص الذي تحب. وعندما يمر شخص بتجربة الحب الذي يصل إلى حد الهوس، فمن الوارد أيضًا حدوث توظيف لبعض الآليات التي تدخل في الإصابة بحالات الهوس الإكلينيكي..
"ومن الحب ما قتل" جملة قيلت في الزمن البعيد وكثيرا ما تتردد على اذهاننا قيلت عن شاب قتل نفسه بسبب الحب أيام الأصمعي، ولكن سرعان ما أصبحت حقيقة في واقعنا، وذلك عندما تؤول العلاقات العاطفية إلى نهايات مأساوية.. إلى جرائم قتل مجنونة بسبب الحب الذي يتحول مع الوقت إلى "عشق"، لم يتخيل احد أن الحب يقتل ولكن إنها الحقيقة عندما تتعدى المرأة خطوط الحب إلى العشق والامتلاك تشعر وقتها أنها تمتلكه بكل جوارحه.
ففي الممارسة الإكلينيكية تقابل حالات لمدمني الجنس طوال الوقت، ربما ليس إلى الحد المريع الذي يصل لممارسة الجنس مع 3,000 بغي. الأمر المثير للاهتمام فعلًا بشأن هذا الشخص كان نظرته للجنس باعتباره وسيلةً لإنشاء علاقات رومانسية مع البغايا بهدف جعلهن يحببنه في النهاية. كان هذا الشخص مدمنًا لشعور بأن شخصًا ما يحبه. وكان بمجرد أن يجعل واحدةً منهن تقول له: "أنا أحبك"، يمضي في طريقه إلى بغيٍّ أخرى..
ويذكر موقع «marksteinberg»أن إدمان الحب ضمن أنواع الإدمان، طبقًا للدليل الإحصائي النفسي والعقلي. ومن علامات للتعلق العاطفي المرضي، ومنها:
1-تذكر أفعال الشخص باستمرار وعدم القدرة على نسيانها.
2-مراقبة الشركاء السابقين عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي.
3- التفوه بجمل مثل تعودت على الطرف الآخر لكني لا أحبه.
4-الانسحاب من الحياة العملية للتفكير بالشخص الذي يدمنه.
5-هيمنة التفكير في الطرف الثاني عليه.
أسباب التعلق العاطفي
كما أوضحت الدكتورة هالة مبارز، أسباب لتعلق المرضي كالتالي:
1- حرمان الشخص من العاطفة.
2- التجاهل والإهمال من قبل الأهل والأصدقاء.
3- الاستهتار بمشاعر الشخص وعدم مشاركة الآراء.
وذكرَ دكتور محمد هاني، استشاري الصحة النفسية عدة نصائح للتخلص من التعلق المرضي، وهي كالتالي:
- الاندماج والانشغال في هواية.
- الانشغال في العمل.
- تكوين صداقات مشجعة على ترك البيئة المحبطة.
- شغل الوقت بأشياء مفيدة وعدم تذكر الأشخاص والأذى النفسي
الفرق بين الحب والتعلق المرضي
المشاعر إما تقود الأشخاص إلى طريق السعادة أو العكس، فبين الحب وتحوله إلى مشكلة مرضيّة تفاصيل صغيرة؛ قد لا تثير الانتباه إليها لحظة حدوثها، لكن تكرارها يحوّل الأمر إلى مرض.
اقترح عالم النفس "روبرت ستيرنبرغ" نظرية تقترح أن هناك ثلاثة مكونات للحب: الألفة والشغف والالتزام. والتركيبات المختلفة من هذه المكونات ينتج عنها أنواع مختلفة من الحب؛ فعلى سبيل المثال: يؤدي الجمع بين الألفة والالتزام إلى حب الصداقة، بينما يؤدي الجمع بين العاطفة والألفة إلى الحب الرومانسي.
الأنماط الثلاثة للحب هي:
إيروس: ينبع مصطلح إيروس من الكلمة اليونانية التي تعني "عاطفي" أو "شهواني"؛ اقترح لي أن هذا النوع من الحب يشمل كلاً من العاطفة الجسدية والنفسية الشعورية. لودوس: يأتي لودوس من الكلمة اليونانية التي تعني "لعبة"؛ يُنظر إلى هذا الشكل من الحب على أنه مرح وممتع ولكن ليس بالضرورة أن يكون جاداً. أولئك الذين يظهرون هذا الشكل من الحب ليسوا مستعدين للالتزام ويخشون الكثير من الحميمية. ستورج: ينبع ستورج من المصطلح اليوناني الذي يعني "المودة الطبيعية"؛ وغالباً ما يتم تمثيل هذا الشكل من الحب من خلال الحب العائلي بين الآباء والأبناء والأشقاء وأفراد الأسرة. يمكن أن يتطور هذا النوع من الحب أيضاً بعيداً عن الصداقة حيث يطور الأشخاص الذين يتشاركون الاهتمامات والالتزامات تدريجياً المودة تجاه بعضهم البعض
كيف يتحول الحب إلى تعلق مرضي؟
يحدث ذلك عندما يكون الشخص عالقاً في دوامة البحث عن الرومانسية، وربما تكون الرومانسية نقطة تمهد لتطور أنواع أخرى من الحب، والعاشق المرضي لا يدرك وهو وسط هذه السعادة أنه في طريقه إلى التعلق وسيصبح عاجزاً بمرحلة ما عن اكتشاف ذلك والخروج منه بسرعة وسلام.
حدد باحثون متلازمة نفسية تسمى "الحب المرضي" الذي يعرف بأنه: توفير رعاية واهتمام متكرر وغير منضبط للشريك في علاقة عاطفية، وهي حالة مرتبطة بمشاعر فقدان الحرية لم تلق سوى القليل من الاهتمام، على الرغم من انتشارها والمعاناة الذاتية العميقة التي يمكن أن تثيرها.
وبمقارنة الأفراد الذين يعانون الحب المرضي مع أولئك الذين ليس لديهم هذه المتلازمة؛ تبين أن مبرر تسمية هذا الحب بالمرضي هو أنه يخلق التعاسة والإزعاج في العلاقات الرومانسية، ويؤدي هذا السلوك إلى إهمال جميع الاهتمامات السابقة التي قد تكون لدى الشخص .
لديهم العديد من خصائص الشخصية المتضاربة المتناقضة، ويكونون عادة أكثر اندفاعاً. لديهم أسلوب حب "هوس"، مما يعني أنهم يحبون بدافع تبعية الشخص الآخر لهم وملكيتهم له. تعاني العلاقات التي يكونون طرفاً فيها من القلق الشديد والمتناقض. يعانون عدم الرضا عن علاقاتهم الرومانسية، لكنهم يستمرون في الحفاظ عليها على الرغم من معرفتهم بأن هذه العلاقات كانت ضارة لهم، ويرتبط عدم رضاهم بكونهم أقل تحكماً وتوجيهاً ذاتياً. لديهم من جهة أخرى مستويات أكبر من الحب الخيري الأناني، وسجلوا في الاختبارات النفسية أعلى مستوى على مقياس السمو الذاتي.
وتبقى النصيحة الأهم بعد كل ذلك هي الاعتدال، اعتدل في محبتك وفي التعبير عن مشاعرك وفي خوفك وقلقك واندفاعك، لأن الزيادة أشبه بالنقصان وتحمل مؤشرات غير إيجابية، وانتبه إلى محبتك لذاتك وقدرتك على معرفة ما تريده، لا تربط سبب سعادتك في الحياة بوجود علاقة حب فقط، ما رأيك؟ شاركنا من خلال التعليقات.
وهنا نشير الى أن التعلق المفرط بشخص آخر يصبح من العوامل المرضية التي تخرج عن نطاق سيطرة العقل، ومن يتعرض لهذه الظروف يشعر بأنه عاجز تماماً عن الخروج من هذه الأزمة وأنه سيبقى أسير آلامه ومشاعره وأحاسيسه طوال حياته، حيث أن من يعانون من هذا النوع من التعلق المرضي يجدون صعوبة كبيرة في تقدير ذاتهم، ويلجأون إلى أشخاص آخرين للبحث عن الثقة والأمان.
الحب هو الثقة والأمــان ولكن يعتقد البعض أنه مرض عقلى ..لماذا؟ يمكن للحب أن يكون تجربةً قويةً ومُفقِدَة للاتزان؛ فغالبًا يترك الحب انطباعًا لدى مَن يمرون به بأنه ليس تجربةً لطيفةً في مجملها. تستطيعين القول إن الأفكار المتداولة حول الحب الرومانسي هي أفكار واهمة بالأساس، وذلك لأن الاعتقادات المصاحبة للحب الرومانسي لا تنسجم مع الواقع. إن الفكرة التي مفادها أن هناك شخصًا مميزًا في مكانٍ ما ستسوقه الأقدار إليك تمثل أحد الاعتقادات القوية، وهي فكرة واهية تمامًا، إلا أنها إحدى الأفكار التي يؤمن بها الكثير من الناس، وهي فكرة رسختها هوليوود ورسخها أدب الخيال الرومانسي.
فالملاحقة تُعَدُّ إحدى الحالات التي يدخل فيها السلوك المعتاد إلى دائرة الأمراض النفسية بسهولة تامة، فالملاحقة أمر مزعج وخطير للغاية. وبطبيعة الحال عندما لا تسير علاقة الحب على ما يرام، تبدأ جميع أنواع المشكلات في الحدوث، مثل الوَلَه، والغيرة المرضية، وانكسار القلب، والتعلُّق غير اللائق، والإدمان.
ولكن لماذا يُعَدُّ بعض الناس أشدَّ ضعفًا من غيرهم؟
بإمكانك التكهُّن بشأن نقاط الضعف البيولوجية في أدمغتهم، وبإمكانك التكهُّن بشأن ماضيهم. على سبيل المثال، الشخص الذي يشعر بحالة من عدم الاستقرار النفسي الشديد لأنه لم يتلقَّ الحب الكافي في طفولته ربما يكون أكثر عرضةً للغيرة المرضية.