د. علي بانافع
في يوم الخميس 21 جمادي الأولى 1351هـ الموافق 23 سبتمبر / أيلول 1932م الأول من برج الميزان، يوم كان في حياة الكيان الكبير (المملكة العربية السعودية) من أول ساعة تأسست فيها، وإن لم يكن في حساب من صنعوه أن يكون توقيتًا ذا شأن، ولم يجعلوه توقيتًا يتعلق بذات إنسان بل لكل إنسان في هذا البلد الكريم المبارك المعطاء، ليكون منه وبه وله المدد والحافز والأمل والعمل.
القارئون للتاريخ بعضهم يعرف عن الماضي لأنه عاشه وتمرس به كهؤلاء الذين نطلق عليهم جيل التجربة، وبعضهم قرأه وسمع عنه، وبعضهم وهم عماد المستقبل من شبابنا لم يعيشوه، ولَم يعرفوه، وما سمعوا عنه، وما كلفوا أنفسهم عناء الدراسة له، والدراسة ليست في كتاب قد تكون بالتلقي!! ماضينا وحاضرنا أن الشرح لهما لا يقتضي طرح الماضي لتمجيد الحاضر، فالماضي أي ماضٍ بقسوته، بأزرائه، بالسيء فيه والحسن، هو الذي أعطى القيمة لهذا الحاضر.
الماضي لا تريده أن يمتد إلى بعيد من تاريخ الأُمة ففي ماضيها مجد الدهر، وفي ماضيها نكسات التأخر، نريد بهذا الماضي زمناً حملت دوافعه وحوافزه الملك البطل عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود أن يجاهد حياته كلها، مقدامًا حينًا، صابرًا حينًا، متربصًا حينًا، حتى وحدّ هذه الجزيرة العربية، كانت من أعاجيب الصدف التراث الذي ورثناه عن سيدنا محمد بن عبد الله ﷺ فإِذا هو الميراث يصونه الملك سلمان، صنعه والده الملك عبد العزيز بأسلوب عجيب، بالذكاء والقدرة والإرادة، بالوسيلة الضيئلة، جملا حصانا سيفا رمحا لم تكن كلها وسائل القوة الضاربة، كانت الوسيلة الأولى العقيدة الصادقة، لم يحتجزها عقيدة قمة بل نشرها اعتقاد قاعدة.
تلك عقيدة التوحيد، كأنما نظر بحتمية التاريخ إلى قول الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه: (لا يصلح آخر الأُمة إلا بما صلح به أولها) عقيدة دين، واقع إيمان، تلك عقيدة الاسلام والتوحيد، وبالتاكيد أنشأ البطل هذا الوحدة الغالية. فالذكرى اليوم ماهي إلا التذكر لما صنع التوحيد ولما تصنع الوحدة، ورثها الملك سلمان صانها من أعاصير، وليصونها في كل لحظة، فليست المسؤولية فرعًا منه، بل هي كل مجده، ولكن المسؤولية والتكليف تاج مجده، نالها بالثقة منه وبه وله، وبالصبر فيه وعنه، وبالتسامح والحب والتطلع (همة حتى القمة).
يرحم الله الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود وأبناءه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وَعَبَد الله، وأمد الله الملك سلمان والأسرة جميعا بما وعد من حفظ للأبناء جزاءً لتقوى الآباء، {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9]. إن الملك البطل عبد العزيز تاج تاريخه أنه رد الاعتبار لجزيرة العرب في وحدة الكيان الكبير.
فأصالة عن نفسي ونيابة عن منسوبي ثانوية ابن حزم بينبع الصناعية، في شخص قائدها التربوي الأستاذ طاهر بن علي الغامدي، نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، والشعب السعودي الكريم، بمناسبة الذكرى واليوم الوطني 90، أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليُمْنِ والبركة، أعواما عديدة، وأزمنةً مديدة.