تتجدد هذه الأيام ذكرى عرس وطننا العظيم بيومه الخالد المجيد للذكرى التسعين باعثًا لنا على الفخر والاعتزاز، والفرح والابتهاج، وقبل، ذلك وبعده الابتهال إلى الله عزَّ وجلَّ أن يحفظه قيادةً حكيمةً، ممثلةً في مليكه (سلمان) الحزم، وفي ولي عهده (محمد) العزم، وفي شعبه الوفيِّ، والله أسأل أن يبلغ القيادة والشعب أملهما ومناهما بأن تظل راية بلادنا الخضراء خفاقةً عاليةً، وأن يظل وطننا -كما أراد الله له أن يكون-مثابةً للنَّاس وأمنًا.
وفي مناسبة كهذه تظل الكلمات خرساء في أن تفي الوطن حقه، وليس سوى الأرواح أهلًا لفدائه، والذود عن حياضه، والدماء حفيَّةٌ بالبذل في سبيله متى ما اقتضت لذلك الضرورة، ودعت الحاجة.
في هذا المقال الخاص بالحديث عن الوطن، رأيت توجيه البرقيات التالية تذكيرًا لنفسي ولأخواني المواطنين بمحتواها ومضمونها.
وطننا لا يُشْبِهُ غيره، ولا يُشَبَهُ به إلا نفسه. وهو دعوة أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام بعد أن أسكن زوجه (هاجر) وابنه (إسماعيل) عليه السلام بوادٍ غير ذي زرعٍ عند بيته المحرم. قال تعالى: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ).
- وقوله تعالى: (إِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ. وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).
- ولهذا فوطننا مميزٌ وفريدٌ ومختلفٌ، ويستحق منا، بل من كل مسلمٍ وإنسانٍ نبيلٍ كل الوفاء وصادق الاحترام عظيم الولاء وفائض لتقدير وخالص العطاء.
- ولو لم يكن لوطننا – المملكة العربية السعودية -من السِمات والقسمات إلا وجود بيت الله الحرام، والحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة على ثراه الطاهر، لكفاه ذلك عزًا وفخرًا ومجدًا لم ولن يبلغه من الوطن سواه، فما بالنا، وهو للإنسانيَّة داعمًا، ولقيَّم الخير والحب والسلام راعيًا، وللعالم مزودًا بالطاقة والوقود اللازم لحركة الحياة، وديمومة الحضارة الإنسانية وتناميها.
- الوطنية الحقَّة يُذّكَرُ بها في يوم الوطن، وتعزز وترسخ في نفوس الناشئة والفتيان في هذا اليوم، ولكنها كممارسةٌ ينبغي أن تكون متواصلةٌ ليلًا ونهاًرا سرًا وعلانيةً، وصورها عديدةٌ وكثيرةٌ أهمها الإخلاص في العمل، والصدق في العطاء، والحفاظ على مكتسبات الوطن ومدخراته المعنويَّة والماديَّة، واحترام الآخرين مواطنين ومقيمين وزوار.
- ملحمة الوحدة والتوحيد _التي قادها وتبناها وحققها مؤسس هذا الكيان وبانيه المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود_ هي معجزةٌ خالدةٌ كيف لا؟ وقد أحالت ناسه الذين كانوا في غالبهم قبائل متناحرةٍ متحاربةٍ متقاتلةٍ على الماء والكلأ، وتوافه الأمور إلى مجتمعٍ مدنيٍّ حضاريٍ فاعلٍ ومؤثرٍ في كل ما حوله وفي جميع من حوله. وهذه الوحدة الملحمة يجب أن نحافظ عليها فكرًا ووعيًا وتاريخًا وجغرافيةً، وألا نسمح لكائنٍ من كان بالمسَّاس بها تحت أيِّ ذريعةٍ أو مزايدةٍ.
- رؤية وطننا الواعدة 2030 تحمل الخير وتبشر بالأمل والتفاؤل لحياةٍ تتسم بالجودة في مختلف جوانبها، ولتحقيق رؤيةٍ طموحةٍ ومتجاوزةٍ كهذه لا بد من بعض التضحيات من المواطن والمقيم، وعلينا تقبلها وتفهمها، والوعي بضرورتها مرحليًا.
- كل ذي نعمةٍ محسودٌ، ووطننا محسودٌ من بعض جيراننا وأشقائنا للأسف ناهيك عن أعدائنا الظاهر منهم والخفيِّ، لذا فالحرص والحذر والوعي أمورٌ مطلوبةٌ في تعاطينا مع كلِّ ما ينشر ويقال ويتداول عن وطننا الكبير.
- ختامًا دام لنا وطننا حرًا أبّيًا، ودامت لنا قيادته الحكيمة فخرًا وذخرًا وعونًا وسندًا من بعد الله عزَّ وجلَّ، ودامت للإنسانية عطاءً ودعمًا وتواصلًا.
- ***********************************