منذ عدة أشهر نصحني أحد الأطباء بالكتابة كعلاج لتخفيف التوتر و التغلب على نوبات الهلع ....
اقتنيت دفترا أخضر جميلا شاركني في اختياره صديق عزيز
لم يقل الطبيب إن دفتر الذكريات حتما سيرتبط بذكرى جديدة , كتبت في صفحته الأولى " لست في حاجة إلى طبيب "
امتلأ نصفه أو أكثر قليلا , بحروف و كلمات و أسماء كثيرة , لم يقل الطبيب أيضا إن للكتابة أعراض جانبية , منها إزدحام غرفتي , فـ كلما تذكرت إسما تجسد أمامي بشحمه و لحمه رافضا أن يعود للسطور مرة ثانية
بجوار سريري يجلس أحدهم بأعوامه السبعة يبكي و هو يجمع فتات ورقة التي كتب عليها بعناية " أحبك "
أرنوا إليه ؛ ولا أشعر حياله بالشفقة , بل يهيأ لي أنه إنتقاما مني , أصابني باللعنة التي لازمتني طويلا , و ما زالت لعنة الصديق الصغير.
في المسافة من السرير إلى الباب , أمر بالكثير منهم ..
المحب و المحبوب , الخاذل و المخذول , الصادق و الكاذب , الأفّاق و المخلص ....
لشهور نتشارك جميعا كل شيء , خزانة الملابس و الأقلام , الروايات و دواوين الأشعار , يفترشون الأرض ليلا , و يختبئون من أمي صباحا وراء الستائر.
في إحدى الصفحات أكتب " أمي " لأراها أمامي جميلة أنيقة و بصحة جيدة , تجلس بهدوء في زاوية الغرفة.
أشعر بالخجل من أخطائي و ذنوبي المتجسدة أمامها , تبتسم بعطف و تقول " من لم يخطئ لم يتعلم , من لم يخطئ لم يعش , من لم يخطئ لم يحب "
أما كتاباتي الأخيرة صباح اليوم فـ لك أنت
كلما تذكرتك خفق قلبي و آلمتني قدماي , ألما يذكرني أننا دائما ما نقطع المسافات الأبعد و المشاوير الأطول بالحذاء الخطأ , لنبلغ وجهتنا بكدمة في القدم , و غصة في القلب , و صفر الأيدي ....