كان علي اجراء عملية خطيرة تحتاج للتوقيع على اوراق الموافقة, ادركت لحظتها ان في القضية "مخدر" كي لا احس بالألم, بالحقيقة لم اكن خائفا من شق بطني بسكين الطبيب, ولا من زرق الابر, محن قد تجاوزتها مع مسيرة العمر, لكن كنت خائفاً من الهذيان الذي يحصل بسبب مخدر العمليات, اخاف على اسراري ان تنزاح عن صدري, ويسمعها كل من في المستشفى.
تذكرت يوم رافقت صديقي عبودي للمستشفى, في اخر ايام حكم البعث, حيث كان يحتاج لعملية مستعجلة.
لكن ما ان خرج عبودي من غرفة العمليات والممرضات يدفعن سريره, حتى اطلق الاف الشتائم بحق السيد الريس ونعته بالنغل, وان امه كانت مومس مشهورة في تكريت, وان خاله خيرالله كان شاذاً لا يتوقف عن طلب الرجال الفحول, حاولت سد فمه بقضبة يدي, لكن كان يعض يدي ليمنعني من اسكاته, لم ينقضي ذلك اليوم الا باختفاء عبودي.
نعم ان المخدر سيكون كاشفاً لأسراري, والتي اعلم انها ستكون مميتة, كان موظف الاستعلامات يلح علي بالتوقيع كي يتم تهيئة غرفة العمليات.
قصص المخدر كثيرة تتسرب واحدة تلو الاخرى لذاكرتي, بعضها مضحك والاخر حزين.
في صيف 2004 كانت قصة ابن عمي حميد مع التخدير, كان يعاني من مغص شديد فاتصلت بي زوجته وذهبنا مسرعين معا, وما ان وصلنا الى المستشفى حتى ادخل غرفة العمليات بسرعة, انتظرناه انا وزوجته ساعة كاملة, كانت عملية مصران اعور مفجور بداخل جسده, وخرج وبشرتنا الممرضة بنجاح العملية, لكن كان حميد يردد اسم "وسن" وينعتها بالحبيبة الطاهرة, مع ان اسم زوجته تماضر! تركته زوجته وعادت للبيت وهي تبكي.
كاد ان يحصل الطلاق بينهما, لولا تدخل الاحبة, ووعد من حميد بعدم تكرار مغامراته العاطفية.
الحقيقة ان مخاوفي اكبر من مخاوف عبودي وحميد, فانا اعرف نفسي سوف اشتم مجموعة القادة الكبار الذين يتم تقدسيهم من قبل الفئات الجاهلة, كما كان صدام مقدسا من قبل البعثيون, فلا اعلم سأبقى سالما وان انعتهم بالدواعر وابناء العاهرات فلان الفلاني وفلان العلاني, وقد ابوح بأسماء حبيبات وليس حبيبة واحدة, نعم اسم نسرين ورؤى ووفاء سيخرجان حتما من فمي, فمازالت حلاوة لقائتهن عالقة في مخيلتي, مما يعني سيتم الامران اختفائي وطلاقي.
بدد تساؤلاتي صوت موظف الاستعلامات بتطميني: "لا تخف ان الطب تطور فستعطى مع المخدر منوم, وستنام من دون ان تطلق اي تصريح سياسي او عاطفي, نعرف جيدا مما يخافه اهل العراق".