رحيم الخالدي

يتحرك العالم سريعاً بأحداثه العابرة أو المفتعلة، بعظها يسرنا وأخر يغضبنا.. وربما اليوم نقف غير مسرورين أمام سياسة التطبيع للكيان الغاصب مع دول الخليج، التي إنتقلت بتطبيعها من السر للعلن، غير آبهةٍ بالقرارات الموقعة سابقا بمقاطعة إسرائيل، بل ويتفاخرون بذلك!

بالطبع كل ذلك برعاية العم ترامب، لغسل وَجهِهِ إنتخابياً، بعد تراجعهِ من جرّاء التخبطات في سياسته، التي تعتمد الماديات وتعتبرها فوق كل شيء، لانعاش الإقتصاد الامريكي المتهاوي، ومشكلته مع الصين التي تتنافس اليوم لصدارة الإقتصاد والصناعة العالمي .

حصلت إنفجارات متعددة وبوقت متقارب في مختلف أجزاء العالم، وكان أكبرها إنفجار بيروت.. والذي من شدته لا نتوهم إن قلنا، أن دولة معادية تقف خلفه وبقوة، منتظرين نتيجة التحقيقات، لمعرفة الجهة التي تقف وراءه.. ناهيك عن الحرائق في لبنان وأمريكا، وتفجير كدس العتاد في الزرقاء الأردنية، ومن الممكن أن تكون كل تلك الأفعال هي للفت أنظار العالم، عما يجري خلف كواليس السياسة الأمريكية، التي تدخلت وبشكل سافر في كل الشؤون الداخلية ولكثير من البلدان، وما دخولهم الحدود السورية دون موافقة، إلاّ لأمر لا يعلم أحد ماهي أهدافه أو النتائج..

في خضم الأحداث الأخيرة التي أفرزت نتائجها، تنصيب السيد الكاظمي رئيساً للوزراء كأهون الشرّين.. ولو رجعنا خطوة للوراء، لوجدنا ان السيّد عبد المهدي خاطب السادة مسؤولي الكتل الكبيرة، حول التوافق على شخص لتسليمه مقاليد الأمور، ونتيجة الإهمال وعدم الإكتراث، طفت على السطح شخصيتين لا ثالث لهما، وبما أن الزرفي عليه علامات إستفهام كثيرة، جرى القبول بالكاظمي على أن يكون تسنمه المهام تمهيداً للإنتخابات القادمة، مع الحفاظ على هيبة الدولة .

المتتبع للمسار السياسي لحد اليوم، لم يسجل إنتصارا سياسيا يحسب للسيّد الكاظمي، سوى التغييرات في المناصب والزيارات للولايات المتحدة، وتوقيعه إتفاقات خارج السياقات الدستورية، لاسيما وأن أمريكا مطالبة بخروج قواتها حسب قانون عراقي صوت عليه برلمانه، رافق ذلك خروج تظاهرات عمت المحافظات العراقية، وتصريحات مكتب رئاسة الوزراء الأخيرة، أحدثت ضجة كبيرة كونها عكس إرادة البرلمان .

بما أن فترة السيّد الكاظمي هي تمهيد لإنتخابات تختلف عن سابقاتها، ولا تعتمد على الأحزاب القديمة المسيطرة على المفاصل، والمحاصصة الطائفية المقيتة التي ذاق العراقيون تخبطاتها، مع الفساد الذي رافق كل المفاصل، وقد أفرزت التظاهرات الأخيرة أقطاب جديدة كثيرة، ستكون منافسة كبيرة، وستخسر كثير من الكتل أصواتها، كون جمهورها لم يلمس منها سوى الوعود، حالها كسابقاتها، وهذا سيؤدي بنا لوجوه جديدة.. كما يفترض ذلك.

الزيارة الأخيرة للسيدة بلاسخارت لمقام المرجعية ليست الأولى، لكنها هذه المرة تختلف، وقد نقلتها وسائل الإعلام العالمية، وبينت المرجعية توجيهاتها كما هو شأنها مع من سبقتها من إرشادات للحكومات السابقة، وقد قدمت رؤيتها حول جملة من رؤيتها حول الإنتخابات وملفات الفساد، كما وأنه لا يوجد شك في دعم المرجعية للإجراءات حكومة الكاظمي، التي أعلن عنها، وأهمها الإنتخابات المبكرة، وفرض هيبة الدولة والسيادة، وما يتفرع عنها من قضايا فرعية.

كل ما تم طرحه في الزيارة الأخيرة لممثلة الأمين العام للأمم المتحدة مع المرجعية، يتوافق تماماً مع ما طرحه السيّد الحكيم في فرض هيبة الدولة، ومحاسبة الفاسدين، ومسك المداخل الحدودية، وعملية الإنتخابات المبكرة، وما يرافق ذلك من تفرعات، وهذا يدل على توافق رأي المرجعية مع سماحته، وقد قامت السيّدة بلاسخارت بزيارة له، بعد رجوعها من النجف..

لا يتصور واهم أن التفجيرات في العالم، بعيدة عنا.. ولا يشتبه ساذج اننا نعيش بجزيرة، بعيدين عن أحداث العالم.. ولكننا يجب او في الأقل نحاول ان نجنب بلدنا تأثيراتها السيئة، وقد قالت مرجعيتنا ذلك بكل وضوح، فهي ترى أبعد مما يراه ساستنا.. فهل تعيها أذن واعية؟