Image title


وصفت وسائل الإعلام الياباني ما حدث بأنه "فاجعة" ، وجريمة هزّت أركان المجتمع الياباني، إستقال وزيران، ورئيس الحكومة سيتعرّض للمساءلة في جلسة البرلمان القادمة، أما السفارة الليبية في طوكيو، فقد أمتنعت حتى على الرّد على هواتف الشرطة، وتنصّلت من مسؤولياتها نحو إرسال أي شخص للمساعدة، وهو ما جعل السلطات اليابانية تحاول البحث عن أي شخص يحّل مشكلة التواصل هذه، وهو أنا ما وجدوه هنا في اليابان.

قبل أن أدخل عليه الغرفة، نبّهني البروفيسور المشرف على الحالة، أنّهم لم يسمحوا له بالخروج بعد، بعد سجنه لمدة 25 سنة في قبو، يصبح الخروج في ليلة وضحاها مسألة خطيرة جداً، دخلت عليه الغرفة، كان في حالة هيجان يرثى لها، ملامحه اليابانية لم تخفِ مسحة الضياع اللذي يشعر به، تقدّمت بهدوء وجلست أمامه قائلاً :

ـ شن أمورك.

نطق بنبرة حادة :

ـ مش مليح، نبيهم توا يطلعوني من هنا .. أنا قتلهم ما نبيش هنا .. نبيّ نمشي ليبيا .

قلت بصبر محاولاً إقناعه :

ـ ليبيا توا خطر يا أتسومي .. حتمشي غادي حتموت، حكومتك خايفة عليك.

( صاح ) : ما نعرفش حد أنا .. ما عنديش حكومة .. قلهم نبي نمشي ليبيا .. لم أرد .. صمت .. ثم قال بهدوء : ( باهي أعطيني فيس بوك على الأقل ) ..

لم أرد كذلك ..

سألني متفرساً : من عيت من إنت ؟ شن سماك .. من أي قبيلة .. لحمة .. شن مدينتك .. من وين يا خونا ..

أجبته : شن بتدير بيه الفيس ؟

ـ نبي نشوف شن صار في سيف .. حق مات .. بينزلوا الناس يوم 15 وإلا لا ؟ ، شن صار في المصارف .. عفسوا عليهم الخوارج، حقا ماتوا 5 في بوابة راس اللفع، شن صار في العائدون.. مليشيات التشادية العبيد حقا أحتلوا الجنوب، العلمانيين الكفرة بيشوهوا المجتمع المحافظ الـزو...

قاطعته وقد كدت أتقيأ :

ـ خلاص يا أتسومي.. فهمت .. حنشوف كيف نقدر نساعدك.

ثم خرجت ..

( أطلق علماء النفس على هذه الحالة الفريدة من نوعها إسم (ليبيو-فيليك) ، بعد أن قام زوجان مختلان عقلياً في اليابان لم تعرف دوافعهم بعد ، بحبس طفلهم الوحيد لمدة 25 سنة في قبو تحت المنزل، وعدم تعليمه أي لغة سوى اللغة الليبية، وتعريضه للقنوات الليبية فقط، وتنفيذ محاكاة واقعية لكل ما يتعرض له الإنسان الليبي من دين وثقافة وإعلام وتربية وعادات وتقليد، جهد مضن مرضي تسبب في صناعة إنسان ليبي في جسد مواطن ياباني إسمه أتسومي لم يعلم أنه يعيش في اليابان مطلقاً ).

لم أعلم إن كانوا سمعوا لنصيحتي أم لا ، لكن بعد أسبوعين من إخلاء سراحه على مسؤوليته الشخصية، وجدوا أتسومي مشنوقاً في إحدى شقق طوكيو الحديثة.

تمت