سيئة..أنتِ أم سيئة" صرخت في وجهها هكذا ابنتها العاق ثم خرجت صافقة الباب خلقها بقوة ولم تعد بعد ذلك أبدًا سوى لتجمع بعض أغراضها المهمة، ويوم جنازة والدتها حيث اكتفت بالوقوف أمام القبر وبصقت عليه بصقة كانت لها رائحة كريهة حتى ظننت أن زهور القبر ماتت بسببها.

إن ليلى في الحقيقة لم تكن ابنة عاقة..أبدًا..فلقد كانت من شدة حبها لوالدتها على وشك أن تعبدها كل يوم ظنًا منها بوجوب ذلك فالإله بكل جبروته كان طاغيًا عندما وضع جنته المقدسة تحت أقدام بشرية قد تكون قذرة ولا تستحق العناء،ولطالما قدمت رغبات والدتها على رغباتها هي فظلت ظلًا حقيرًا تابعًا لها.

ولقد حصل ذات مرة أن عادت ليلى من عملها "كانت تعمل في مكتبة صغيرة كأمينة عليها براتب رخيص"وفي أثناء خلعها لحذائها الأسود ذا التصميم البشع سمعت صوتًا ما كأنها آهات لشخص يتلوى حرارةً..احمرّت خجلًا أيعقل بأنه أحد عشاق والدتها..يالها من إمرأة باردة تحضر عشيقها في هذا المنزل الرديء أثناء سفر زوجها وكأنه أمرٌ لا بأس به..ذهبت مسرعة إلى غرفتها وتكورت على نفسها في زاوية الغرفة،إن هذه الخطيئة لوالدتها تجعلها مضطرة في خلق تبريرات كل يوم لتعذر بها تلك العجوز السيئة"في الحقيقة والدة ليلى لم تتجاوز بعد سن الثامنة والثلاثين"لكنها حقًا عجوز شريرة بأفعالها..لقد اعتادت ليلى على الضرب منذ أن كانت في الخامسة وبدأت بإدراك ملامح تلك الخطيئة في سن الثامنة،كانت والدتها لا تخجل في إظهار جسدها العاري أمام ابنتها الصغيرة بعد أن شبعت لهوًا مع أحد الرجال..لقد شهدت ليلى جميع مغامرات والدتها فالأغلب قد حدث في المنزل..ومع ذلك ظلت ليلى تقدر والدتها فلقد طُمست شخصيتها هذه التعيسة وظلت حملًا وديعًا و كحمقاء تركض خلف أقدام والدتها ظنًا منها بأنها سترى الجنة الموعودة..عاكفة على تلبية أوامرها وإن كان أحسنها مرّ.

في ذات مرة آتى زائر ليشتري كتابًا ما فأحضرته له ليلى..والظاهر لي أنه قد وقع إعجاب ما بينهما..وبالفعل شرع هذا الرجل بحضور شبه يومي ليرى ليلى متحججًا بالكتب،حتى ملّت هذه الكتب من كونها واسطة بين هذين الشخصين..فأحست ليلى أنه الوقت المناسب للإعتراف،فقامت بدعوته لشرب القهوة في منزلها،فمسرعًا دونما خجل أعلن موافقته.

شرعت الأيام بالمضي وكانت العلاقة جميلة في بدايتها،لكنها مالت للبرود نوعًا ما،بل حتى أصبحت الكتب تستغرب فيما بينها غيابه المتكرر..وحدث في يوم لا أعلم أهو سيء أم جيد أن عادت للمنزل مبكرًا فوجدته يضاجع والدتها في غرفة المعيشة دونما خجل..خوف أو ندم..كم أرادت أن تتقيأ كل ما في معدتها الصغيرة على أجسادهم العارية..ودت لو أنها تستطيع الهرب بروحها تاركة جسدها هاهنا يشهد وحده على تلك الخطيئة.

كان ذلك الخيط الأخير والذي ظل طويلًا ممسكًا بعالم ليلى المزيف،والآن قد انسل..سقط وتداعى عالمها مُظهرًا فقط ذكرياتها المؤلمة عن هذه الأم..فصرخت بآعلى ما قد تتحمله أحبالها الصوتية والتي قد سببت لها آلام مُبرحة فيما بعد "سيئة..أنتي أم سيئة" خرجت ولم تعد حتى يوم الجنازة..لقد ماتت تلك..وتحررت هذه.

إستدراك//أسقطت وجود الوالد عمدًا و أهملت ذكر اعتراضه على خروج ليلى من المنزل ورحيلها عن العائلة؛لأن ذلك أمر لا طائل منه.