سألوني الناس عنّك يا حبيبي
كتبوا المكاتيب وأخدها الهوا
بيعز عَليّ غني يا حبيبي
ولأول مرة ما منكون سوا
سألوني الناس عنك سألوني
قلتلن راجع أوعى تلوموني
غمضت عيوني خوفي للناس
يشوفوك مخبى بعيوني
وهَب الهوى وما كان الهوى
لأول مرة ما منكون سوا
يا عصفـــورة الشرق... يا أرزة لبنان:
أحبُكَ لأنكَ تُشبهيني فأرتاحُ مَعك ..
أو لأنكَ تُناقِضُيني فأحب أختلافك ..
لَربما تَكونى شخصاً عادياً فأحب بساطتك ..
أو شخصاً صعباً فأحب غُرورَك ..
أظنُ أني أحبكَ لِسببٍ أسمى مِن كُلِ هذا ,
سَببٌ يُغيرُ مبدأ , يُحركُ ساكن ..
لا يُهم , فأنا في كُلِ الاحوالِ أُحبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك
وُلدت نهاد وديع حداد المشهورة بفيروز في 21 تشرين الثاني عام 1935 في لبنان. فيروز مطربة لبنانية ذائعة الصيت، ساهمت بالتعاون مع الأخوين الرحباني في إحداث ثورة كبيرة في الموسيقى العربية. إرثها الموسيقي يمتد من خلال أكثر من 800 أغنية وتبقى إطلالاتها الأهم في مهرجان بعلبك الدولي ومهرجان دمشق الدولي علامة فارقة في مسيرتها ومسيرة هذه المهرجانات. بصمتها في التاريخ الموسيقي والمجتمعات العربية أكسبها لقبها الشهير “السفيرة إلى النجوم”. ومنذ صغرها كان تحب أن تغني أغاني أسمهان وليلى مراد.
أداؤها لاقى حماساً غير مسبوق من المستمعين اللبنانيين بشكل عام. في عام 1955 سافرت فيروز وعاصي إلى مصر للمرة الأولى، وأنتجوا هناك العمل الشهير "راجعون". في ذلك الوقت كانت تُعتبر القاهرة عاصمة الفن في العالم العربي من مسرح وأغنية وسينما، وجذب أداء فيروز في مصر العديد من العروض من الملحنين ومنتجي الأفلام إلا أنها في ذلك الوقت كانت تنتظر مولودها الأول. عادت فيروز إلى لبنان لتُنجب زياد الرحباني في الأول من كانون الثاني عام 1956، وأنجبت بعده أربعة أطفال، ثلاث بنات وطفل إلا أن زياد كان الأكثر قرباً لها والذي ألَّف ولحن لها فيما بعد العديد من أعمالها.
وغنت فيروز للحب والحياة البسيطة والوطن والقدس، كما قدمت القصائد والأناشيد القديمة وذات الكلمات المعقدة بأسلوب مميز جعلها قريبة من العامة، وأبدعت في الموشحات الأندلسية والمواويل والعتابات.
في آذار من عام 1994 أحيت فيروز حفلاً في لندن استقطب أكثر من 6000 معجب، أداؤها جعل النقاد الغربيين يقارنونها مع Billie Holiday ولقبوها "Callas of Arabia".
مسرحيات فيروز وأغانيها وتسجيلاتها باللغتين العربية والإنجليزية بالإضافة إلى سيرة حياتها وصورها يمكن إيجادها في منشور باسم "Fayrouz Legend and Legacy" تم نشره من قبل الملتقى الدولي للثقافة والفن في واشنطن في عام 1982، كما نُشرت مقالة عن فيروز وحفلتها في لندن من قبل المجلة البريطانية الشهرة New Statesman & Society في 18 آذار عام 1994. وفي عام 1971 أُنتج فيلم وثائقي ملون عن فيروز بعنوان "Fayrouz in America and Canada" تم تصويره من قبل Parker and Associates.
سمعة فيروز التي تخطت العالم العربي لتصل إلى أوروبا وأمريكا جعلت العديد من الملحنين والشعراء يتسابقون لتقديم الأعمال لها فتعاونت مع فيلمون وهبي، ومحمد عبد الوهاب، والياس الرحباني، ومحمد محسن وزكي ناصيف، وهو ما كانت حصيلته ذخيرة من أكثر من ثمانمائة أغنية وثلاثة أفلام وأربعمائة ألبوم خلال فترة زمنية امتدت لثلاثة عقود. كما دُعيت لتؤدي في مختلف العواصم العربية وقدَّمت حفلاتٍ موسيقية في نيويورك، وسان فرانسيسكو، ومونتريال، ولندن وباريس، وحصلت على وسام الشرف عام 1963 والميدالية الذهبية عام 1975 من قبل ملك الأردن حسين. وفي عام 1988، حصلت فيروز على وسام جوقة الشرف الوطني الفرنسي ووسام الثقافة الرفيعة من تونس، وجائزة القدس من فلسطين عام 1997م، وفي عام 1975م تم إصدار طوابع بريدية تذكارية عليها صورتها تكريما لها، كما تم منحها الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية ببيروت لتصبح أول مطربة تحصل على هذا اللقب.
ورشحها الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتيران لنيل وسام الجمهورية الفرنسية للثقافة والفنون، وهو أرفع وسام ثقافي في فرنسا, كما نالت العديد من الأوسمة العالمية في الكثير من الدول الأخرى. وكان أول الوزراء الفرنسيين المتيمين بغناء فيروز جاك لانغ. ويصف لانغ فيروز بأنها ذات «صوت ذهبي، وصاحبة سحر يحلق بنا، بفضل المعجزة الربانية التي تجسدها».
وتعود الإطلالة الأولى لفيروز في فرنسا إلى اللقاء التلفزيوني الذي دعتها إليه ميراي ماتيو عام 1975 في برنامج كانت تقدمه. أما أول وقوف لها على مسرح فرنسي فكان عام 1979 في الأولمبياد، بعد أربع سنوات على اندلاع الحرب الأهلية.
استقبلت فيروز الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، بناءً على طلبه فى 2020 ، وبرغبة شخصية منه، لشرب «فنجان قهوة» في منزلها في أنطلياس (شمال بيروت)، وجدت من المناسب أن تكون الجلسة حول وجبة خفيفة، وبحضور عدد قليل جداً من المدعوين، بينهم السفير الفرنسي لدى لبنان برنار فوشية، ومحاميها الخاص فوزي مطران، وابنتها ريما التي نسقت هذا اللقاء. وقد اشترطت ريما عدم وجود صحافيين، وتم الاتفاق على الاكتفاء بحضور المصور الخاص للرئيس ماكرون الذي كان له شرف ومسؤولية توثيق هذه اللحظة التاريخية التي يتابعها اللبنانيون والعرب، وتثير فضول الفرنسيين. زيارة إيمانويل ماكرون لفيروز هي جديدة مثيرة في الشكل وفي التوقيت، لكنها في مضمونها استكمال لسلسلة من المبادرات التكريمية لنجمة العرب دون منازع طوال نصف قرن، منذ أن غابت أم كلثوم عام 1975. ومن وقتها، لم ينافسها أحد على هذه المكانة، كما قال فريديك ميتران، في فيلمه الوثائقي.
وكان ماكرون، قد علّق في شهر آذار الفائت وساما على صدر الكاتب والروائي اللبناني الفرنسي أمين معلوف، رفعه إلى رتبة ضابط كبير في احتفال جرى في قصر الإليزيه.
علماً أنه التكريم الثاني لمعلوف، الذي منحته الأكاديمية الفرنسية في 2012 شرف العضوية فيها.وفي التسعينات، قام الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب بتدشين حديقة في واشنطن، تحمل اسم جبران خليل جبران، تكريما له على إبداعاته.
فقد كرّم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الفنانة الكبيرة أم كلثوم وزارها فى منزلها، وطلب منها القدوم إلى الإمارات وإحياء حفل هناك بمناسبة الأعياد الوطنية، التى شملت عيد الجلوس الخامس للشيخ زايد وبشائر ولادة دولة الإمارات العربية المتحدة آنذاك.
وكرم أيضا الملك المغربي محمد الخامس كوكب الشرق، بحضور الرئيس، والزعيم جمال عبد الناصر أثناء زيارته لمصر.
تكريم الرؤساء للفنانين الكبار ممتد عبر التاريخ، وكُرم الكثير من الفنانين العرب من قِبَل رؤساء دول، فالفنان الكبير عادل إمام كرمه الملك الحسن الثانى، ومنحه وسام الفنون من الدرجة الأولى، كما كرمه الرئيس التونسى الراحل السبسى ومنحه أعلى الأوسمة فى تونس.والفنان الكبير محمد صبحى كرمه الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبو مازن، ومنحه وسام الثقافة والفنون، وهو أعلى وسام يمنحه الرئيس لفنان، كما كرم العاهل المغربى الملك محمد السادس الفنان والنجم هانى شاكر، ومنحه الوسام العلوى من درجة قائد، هو والفنان الإماراتى حسين الجسمى، وذلك بمناسبة عيد الشباب. كما كرم الملك الحسن الثانى العندليب عبد الحليم حافظ وكان يستضيفه دائما فى قصره بالمملكة المغربية، وكان من أصدقائه المقربين، كما كرم أيضا كوكب الشرق فى لقاء حضره موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، الذى نال تكريما هو الآخر من ذلك الملك، كما قابل الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات الفنان محمد عوض وكرمه تكريما خاصا لأعماله التى تسعد الملايين، كما قابل النجم الراحل نور الشريف وكرمه تكريما خاصا.
وما زالت فيروز تتابع الأخبار، كما عادتها، ومدمنة على الاطلاع على مجريات الأحداث بتفاصيلها، وأنها عاشت الذهول والحزن بعد الانفجار الكبير في مرفأ بيروت، في 4 أغسطس (آب) الماضي، كما كل اللبنانيين. وبالتالي، لا بد أن الحديث مع ماكرون كان له جانبه السياسي والإنساني، وأن الرئيس الفرنسي أصغى باهتمام إلى ما تقوله نجمة العرب الأولى، وما تعتقده وتصبو إليه، بصفتها مواطنة في هذه البلاد الحزينة، وفنانة صنعت بحنجرتها أحلام كثيرين، وشكلت وجدانهم. وفيروز (85 عاماً) رغم كل ما مرت به، لا تزال تحتفظ بروح النكتة، وبسخريتها اللماحة، ونضارة الفكر، ومهارتها في اللعب على الألفاظ، وهي تشيع جواً من المرح. وما يبدو غريباً أن فيروز أعطت باستمرار في إطلالاتها الإعلامية القليلة انطباعاً عن شخصيتها مخالف تماماً لحقيقة سجيتها، فلا الصمت من طباعها، ولا اعتزال الكلام من محبباتها. إنما هكذا أراد لها عاصي أن تكون صورتها، واستحسنت الخيار، هي الخجولة بطبعها، فتركت له الحكي واستراحت، حتى إن سئلت. استعاضت النجمة عن الكلام وتطريز الإجابات بالغناء الذي به غزت قلوب العالم، ولم تكن مخطئة