حينَ يعجَزُ القَلم وتَتَلعثَمُ الحروف وَتَتَبعثَرُ الكَلِمات وتَتَراخى الجُمَل هكذا تَكونُ النتيجة!
أَمسكتُ قلمي بحيرَةٍ لَستُ كما عَهِدتُ نفسي في خطِّ الخواطِر،
تجولُ في خاطري كَلِماتٌ وَكَلِمات، أَجهَلُ ترتيبَها هذِهِ المرَّةَ!
أَجِدُ قَلَمي يَفتَقِرُ القُدرَةَ على رَسم الحروف.
لِمَ أَرى حُروفي ثَقيلةً؟!
تُرى ما الذي سَأُكمِلُ كتابته لِتَقرأُهُ أَنت؟
أَيَغفَلُ الكاتِبُ عَن تَرتيبِ كَلِماتِهِ؟!
هَل سَتُلهِمُكَ كَلِماتي أم سَتَتَخطاها كَالعَديدِ من المنشورات التي تَخلو مِن أَيِّ قيمة؟
هَل حَقَّاً سَتُكمِل قِراءةَ ما كَتبت؟!
تَتَقلَبُ الحروفُ بَينَ يَدي، أُلَملِمُ كَلِماتي مِن هُنا وَهُناك، ثُمَّ أَجِدُها تَتَساقَطُ وَتَتَبَعثر فَأَقِفُ مَكتوفَةَ الأَيدي ناظِرَةً إِليها.
يصعُبُ الكلامُ رُغمَ أنّني أَمتَلِكُ مِنَ اللُغاتِ أَعظَمَها، تِلكَ التي جُبِلتُ على حُبِّ حروفِها وَحركاتِها، حَفِظتُ مِنها أبياتَ شِعرٍ وقِصَصٍ بِعَدَدِ أَوراقِ الشَجر، صِغتُ عِباراتٍ مُمتَنعةً وَخواطِرَ وجيزَةً سَلِسة.
لكِن في سَردِ الجُمَل يَخونُ العَقلُ تارَّةً وَالقَلبُ تارَّةً أُخرى!
فَأَراهُما حارسَينِ يتناوبانِ على رَبطِ يديَّ فَأَستسلِمُ وأَجهَشُ بالبُكاء وَينزَلِقُ قَلَمي!
كَم تَصعُبُ الصِياغة،
لكنني أَصوغُ رُغمًا عن القَلَمِ والوَرقة،
رُغمًا عن قلبي وعقلي اللذانِ يَتَشاكَسانِ معَ حروفي مُداعَبَةً فَتَتَبعثَرُ حروفي في الأَرجاء كَأَولادٍ كُثُر فَيَصعُبُ عَليَّ تَنظيمُ اصطِفافِهم في كَلِماتٍ وَجُمل.
أَخُطُّ رُغمًا عن يَدي التي أَصبَحت تُمسِكُ القَلَمَ كَطِفلٍ في السادِسَةِ مِن عُمرِه،
وَرُغمًا عَن دَفتَري الذي أُقَلِّبُه بينَ حينٍ وَحين كَأَنَهُ شَيءٌ بِلا قيمة،
وَرغمًا عن الأَسطُر الفارِغة التي تنظُرُ إِليَّ مُتسائِلةً ما الذي سَأَكتُبُهُ فوقها، أَكلِماتٌ سَتهوي بها يدي بعدَ لَحظاتٍ إلى القُمامة لِتلقى حَتفَها هُناك أَم كَلِماتٌ سَتبقى مرسومَةً عَليها حتّى تَتَآكلُ أَطرافُها وَيصفَّرَ لَونُها محفوظَةً بينَ دَفاتِري (التي أَبوحُ لها بِسرائِري) فَأُطالِعُها بعدَ سنواتٍ مُبتَسِمَة؟!
عُدتُ لِأَولِ سطرٍ بَدأتُ فيهِ لِأَجِدَ كَلِماتي تَخطَّتِ المِئَتين وتَجاوَزَتِ الحُدود مُتَزيِّنةً بالحركاتِ مُحاوِلةً التَمَلُّق.
كَتَبتُ وانتَصَرَت حُروفي، وَسَتنتَصر كُلَّ مَرَّة...
ش.~ش.
#منصة #مدونة #تدوينة #ملهم #خواطر #blogger #كتابات
