تنفسّتَ الصُعداء، انطَلقتَ مُسرِعًا لِتحظى بيومٍ لازالت تفاصيلُهُ عالِقة بينَ ثناياك!


استيقظتَ قبلَ الموعِدِ بساعاتٍ داعيًا الحافِلَةَ للتوقف،


نَظرتَ حولكَ بِفَزَعٍ باحِثًا عن الساعةِ لِتَتَنفَسِ الصُعداء؛ كان كابوسًا!


أعدتَ تَرتيبَ الحَقيبَةِ مُحاوِلًا إفساحَ المجالِ لِكُلِّ ما حَولِكَ مُتَنَقِّلًا بينَ زوايا المطبخِ تُخرِج شيئًا من هُنا وَهُناك لِتَضَعَهُ في إِحدى جيوبِ الحَقيبةِ.


أخرجتَ زُجاجاتِ الماءِ والعَصيرِ المُثَلَجِ، ارتَديتَ ملابِسَكَ استِعدادًا لِيومِكَ الحافِل، وَضعتَ الحَقيبَةَ الثقيلة على ظَهرِك،


لَحظة، 


أَتذكُرُ شيئًا (آلةُ التصوير)؟!


بدأتَ تَسيرُ مُهروِلًا مُتَجِهًا إلى المدرَسة. تَعلَمُ أنَّ الوقتَ باكِرٌ لكِنَّ شُعورَ الرهبَةِ بأن تَتَرُكَكَ الحافِلَةُ خلفَها واقِفًا حامِلًا بينَ يديكَ دَأبَ الأَيامِ الماضِيَةِ بينِ توقيعٍ صغيرٍ يَخُطُّه والِدُكَ رُغمًا عنهُ بعدَ إلحاحٍ شَديدٍ مِنك، وبينَ التَّجوُلِ في البقالةِ ناظِرًا لِرُفوفِها بِحيرَةٍ في اختيارِ أَلذِّ الأطعِمَةِ وكأنها المرَّةَ الأخيرةَ التي ستشتري فيها ولو استَطَعتَ لَأَخذتَها كُلَّها، وبينَ تَحضيرِ الحَقيبَةِ مُفرِغًا إياها عِدَّةَ مراتٍ لِتُرَتِّبَها من جَديد!


لكِنَّكَ وَصلت!


وَقفتَ مع زُملائِكَ في باحَةِ المدرسة، نَظراتُ الحماسِ تَشُعُ مِن عُيونِهم بانتظارِ عَيشِ ذَلِكَ اليومِ لحظَةً بلحظة.


تحدثتُم مُطوَّلًا عن خُطَطٍ كثيرةٍ لِفعلِها في ذلِكَ اليوم.


صَعَدَ الطُلابُ لِلحافِلَةِ يَتناوَشونَ من سَيجلِسُ في المَقعَدِ الخلفي فَمن يَسبِقُ إليهِ يفوزُ فوزًا عَظيمًا!


تعالَت أصواتُ الموسيقى والغِناءِ والقفز في ذلِكَ المَمر الضَيق في الحافِلة الذي رَحُبَ الحُشودَ الهائِلة.


تَنقلتم يومَها بينَ أماكِن خلابةٍ، جِبالٍ وسُهولٍ وآثار. 


التقطتَ الصورَ التِذكاريةَ بِعِنايةٍ لتخليدِ اللَحَظاتِ الأكثرِ تَميُّزًا فَفيلمُ التصوير يَحوي سِتًّا وثلاثينَ صورةً!


رَكِبتَ الخيلَ واشتريتَ المُثَلجات؛ صَنعتَ لَحظاتٍ لا تُنسى!


في طَريقِ العودَةِ جلستَ كما أصدِقاؤكَ مُتعَبينَ في الحافلة، هَدأَتِ الأصوات، بعضُهُم يتهامسونَ وبعضُهُم غَرِقوا في نومٍ عَميق.


وها أنتَ غَفوتَ في سريرِكَ تَشعُرُ بِدوارِ الحافِلة وأصواتُ الطلبةِ، 


لِتستيقِظَ صَباحاً على يومٍ لَن تمحُوَ ذِكراهُ الأَيام... 

ش.~ش.