هل سبق وإن تساءلت كم من شخص هوت روحه إلى الأسفل ولم يجد من يأخذ بروحه ويطفو بها سوى شُعاع ضوء ؟
دائماً هناك أشخاص بحياتنا لا يمكنك وصفهم الا -بالضوء- يسدلون أشعتهم طامعين في إقامة اعوجاجك..
قد يغيب عنا في يومنا و ربما -أسبوعنا و شهرنا و عامنا- اثر تلك الأضواء!
نعتاد عليهم إلى حد نسيانهم، ونعلم يقينًا بداخلنا إننا قومٍ لا نشعر بقيمة ما نحن عليه الا حين نفقده ونستهلك الشعاع إلى ان يخفت, إلى ان يفقد الضوء حدته وما ان ينطفئ تماما ذلك الضوء نشعر وقتها بقيمة ما كان منسدل علينا.. نبحث هنا وهناك عن مصدر بديل للضوء ونسينا انفسنا..اعتيادنا على أشعة الآخرين جعلنا نصرف النظر عن شعاعنا.
أنا وأنت يا قارئ هذا النص، نحمل بدواخلنا أشعة إن أزحنا عنها الحواجز وآمنا بها ستكفي لنسدلها على من نحب و نبدلها لنسدلها على انفسنا وقت ما نشاء. من أشكال الأشعة وأكثرها حدة وأكرمها أثرا -كلمة طيبة- كم من كلمة طيبة وددنا قولها ولم نلبث الا ان ارتطمت بحاجزٍ ما! والحواجز كثيرة. سأختصرها واسميها بـ -الحدود-.
العلاقات بطبيعتها ذات حدود ومساحات بعضها شاسعه مهما ركضت كلمتك الطيبة بساحاتها لن تصطدم..وبعضها ضيقه لا تسمح لكلمتك حتى ان تخرج من لسانك. وكأن الكلمة الطيبة مقترنة بالحدود!
ولكن في المقابل إن وددنا قول كلمة ليست بطيبة لا نرى وجودًا للحدود! وان رأيناها تظاهرنا بعكس ذلك.. نتلفظ بكل ما نود ونغلفه بغلاف -الصراحة- أو الغضب.
لماذا نطبق الحدود على الكلمة الطيبة دون سواها؟ نتساهل بقول الألفاظ تحت غلاف صراحتنا وحين يأتي الدور على اشعتنا الطيبة نستذكر حدودنا وحواجزنا تلك التي لا تبنى الا أمام اشعتنا..
لا أؤمن بحواجز تعيق مرور الأشعة وإن كان لابد منها فهي والأشعة لا يتعارض وجودهما معا.
منذ صغري كنت -ولا زلت- طفلة خجولة إلى ان اصبحت شابة خجولة! ورغما عن طبيعتي التي خلقت بها أحببت دوما أن اسدل اشعتي..
لا يهمني ماهي طريقتي في استشعار ضوئي الذي أحمله بداخلي ولا طريقتي في إسدال اشعتي..إنما كان -الأثر- هو ما أضعه نصب عيناي.
ولإنني وفي المقابل احب ان أعطي وأُعطى! احب في اللحظة التي فيها ازيح الحواجز لمرور اشعتي، استقبل أشعة غيري المرسلة إلي. وإن خفت ضوئي.. أؤمن بإن اشعتي ستنعكس يوما ما علي.
وأومن إننا نحن كالأفكار نكمل بعضنا بعضًا.. لم تكن لتولد الفكرة الثانية الا بفضل الأولى! نجر بعضنا البعض..وربما كالدائرة. من قال ان الدائرة لا نهاية لها ؟ فهي تبتدأ حين تضع قلمك على الورقة وتنتهي حين ترفع القلم عن الورقة. لن تكون هناك نهاية الا بفضل البداية! لذا ضع انت البداية.. ضع القلم على الورقة وأزح حاجزك واسدل اشعتك وحتما سيباغتك سرب من الاشعة المرسلة لك.
لا تنتظر أشعة غيرك وأنت من يبني الحدود. ولا تنتظر أشعة غيرك وأنت من يخفت ضوئه. كن ممتناً لكل من سلط ضوئه عليك، وأوقد لك من شمعته فتيلة.
إن كان الطرف الآخر هادمًا للحواجز وطامعا في أشعتك مرة واحده..كن أنت طامعا مئة مره.
استقبل بحب ولا تنس ان تمرر لمن بعدك لإن -لم تكن الثانية الا بفضل الأولى- و -لن تكون هناك نهاية الا بفضل البداية-
تمت.