ملاحظة : هذا المقال سوف يأخذ من وقتك ( 8 دقائق ) فقط .. ولكن قد يغير حياتك للأبد ..
بدون مقدمات طويلة في انتقاد حالنا ( كسعوديين ) بالشكل ( المعتاد ) وان كان العنوان يشير الى ذلك الواقع ( نوعا ما ) .. ولاننا من كثرة جلدنا لأنفسنا اصبحنا نستمتع بهذا الجلد احيانا , ونتلذذ به احيانا اخرى ونتخذه ( شماعة ) نبرر به ضعف انتاجنا وقلة انجازنا , كل ذلك والابتسامة تعلو وجوهنا بل وتهزنا نشوة ( الطحسان ) وقد نتفاخر بذلك اذا لزم الأمر .
ولكن
ومع مانعيشه هذه الأيام من ضعف للاقتصاد وتراجع في الميزانية العامة وزيادة في العجز وبداية إدراك لحجم المشكلة المتراكمة , واقصد بالادراك هنا ل ( الشعب ) المتمثل في الإفراد وليس الحكومة , فالحكومة مدركة لكل شي ( كما يعلم الجميع ) .. وما صاحب ذلك التراجع المفيد ( في وجهة نظري ) من ردة فعل ارتدادية تخشى من تفاقم الازمة التي تتمثل في نظر الفرد البسيط ( ارتفاع البنزين والكهرب ) بل وتبحث عن حل للمشكلة و المساعدة في دفع عجلة الاقتصاد والتنمية بما ينعكس على ( جيب ) الفرد ويساعده في تحقيق احلامه وطموحاته ( ان كانت لديه اصلا ) .
وبعد الملخص السابق .. اود تركيز مقالي هذا عن الحلول المتعلقة بالفرد , فكل مجمتع ناجح , هو نتاج افراد منجزين , ولأنه من العبث واهدار لطاقة ( الفرد ) أن يتم مواصلة الحديث عن الأزمة ( العامة ) , بل من الأفضل والاجدر أن يتم توجيه الحديث من الفرد الى ( نفسه ) .. كيف أحقق أهدافي الشخصية ؟ كيف أرفع من معدل دخلي ؟ كيف اسخر كل ما يجري من أحداث لتصب في صالح مستقبلي ؟ الخ من الأسئلة التي تعيد الفرد الى واقعه , وتنعكس اجاباتها على حياته وأسرته .
نعود الى السؤال الأول , لماذا لايحقق السعوديون أهدافهم .. غالبا ؟
قبل أن نبدأ , علينا أن ندرك بأننا كسعوديين أو غير سعوديين متساوون فجميعنا بشر , ينطبق علينا ما ينطبق على غيرنا من سنن كونية , فلكل مجتهد نصيب ( سعوديا ) كان أو غير ذلك .. بل واسم الله ( العدل ) يضمن لنا أننا نخضع لنفس القوانين التي أوجدها سبحانه لتدير كونه و تنظم سير حياة عباده في أرضه .. وبالتالي فإن نجاح الفرد في تحقيق أهدافه تقع مسؤوليتها على عاتقه , وعليه أن يتحمل هذه المسؤلية بكل تبعاتها وأن يكون جريئا في تحديد مشكلاته الشخصية وأجرأ في ايجاد حلول لها والعمل على تطبيقها في واقع حياته .
وبعد الادراك لهذه القناعة الأساسية ..
أعود واقول .. لماذا لايحقق الأفراد ( عامة ) أهدافهم ... غالبا ؟ وهنا سأبدأ في ذكر التحديات والعوائق التي تواجه الفنلندي والسويدي والدنماركي و الأمريكي وللمصادفة ايضا (السعودي) ... وماهي الحلول العملية لكل واحد منها بشكل مختصر والقابلة للتطبيق ..
التحدي الأول : عدم وضوح الرغبات !!
وهنا علينا أن ندرك الفرق بين الرغبات والاف الأفكار التي تمر علينا يوميا , فالفرف بين بالرغبات والأفكار هو ما تقوم به أنت من خطوات عملية تجاهها .. فمثلا لو خطرت ببالك فكرتين الأولى أن تصبح رياضيا ممشوق القوام ( 6 باك ) , والثانية أن تسدد الدين الذي اثقل بطاقتك الإئتمانية ... ثم بعد هذا المجهود الذهني وفي وقت لاحق قمت بطلب وجبة دسمة تسترد بها طاقتك المهدرة , واخذت ورقة وقلم وبدأت في كتاب الية محددة لادخار جزء من راتبك الشهري لتخصصه في سداد دين بطاقتك وبدأت في تنفيذ هذه الالية فعلا .. هنا يبدوا واضحا بأن الفكرة الأولى هي مجرد فكرة جميلة بينما الثانية هي رغبة حقيقية اثمرت خطة و نتائج ..
والحل : يكمن في 3 خطوات ..
أ / اكتب رغباتك . نعم اكتبها حتى تساعد عقلك في التركيز على مايريد فعلا .
ب/ اجب على سؤال لماذا ؟ لكل رغبة من الرغبات , لماذا اريد تحقيق هذه الرغبة ؟ مالقيمة من وراء تحقيقها ؟ وهذه الاجابات سوف تعطيك الدافع الحقيقي لتحقيقها .. إن لم تجد اجابة لهذا السؤال تجاوز هذه ( الفكرة ) وابحث عن رغبة تستطيع ان تجد لها اجابة .
ج / وضح الرغبات بتفاصيل مادية ( ملموسة ) و ( قابلة للقياس ) .. مثلا أريد أن ادخر شهريا المبلغ ...... , وكيف سيتم ذلك , وحدد موعدا لتقييم ما قمت به تجاهها .
التحدي الثاني : عدم تناسب منظومة ( قيمك ) مع ما تريده من ( رغبات ) ..
والمعنى هنا أننا احيانا لانرغب بالشيْ لو تعارض مع قيمنا و أولوياتنا ونظام حياتنا الحالي .. فمثلا لوكان ترتيب قيمة ( الصحة ) أو ( المال ) هي من ( 1 الى 4 ) في ترتيب أولوياتك فغالبا سوف تقوم بعمل كل ما يلزم لتحقيقها وستجد الدافع لذلك , وقد تجد في المقابل بأن قيمة ( القراءة والتطوير ) قد تكون الرقم ( 8 ) في الترتيب وبالتالي قد تتحمس لهذه الرغبة موقتا ولكن غالبا ما تتجاهلها أو تتناساها في حال تعارضها مع قيمتين مهمتين لك ك ( الصحة والمال ) .. الذي أريد قوله أن جميع القيم مهمة لكن السؤال الأهم ماهو ترتيبها ؟
والحل : يكمن في أن تحدد قيمك بوضوح وتعيد ترتيبها بمايتناسب مع رغباتك ومرحلة حياتك الحالية , فلو كنت ( مطفرا ) حاليا , ستجد أن قيمة جني المزيد من ( المال ) ستجذبك نحوها أكثر من قيمة أن تصبح ( مؤلفا ) مشهورا , وبالتالي ركز في تحقيق أول ( 5 ) قيم ورغبات لديك واعطها المزيد من الوقت والجهد .. وهكذا تباعا .
التحدي الثالث : الكسل والتشتت الذهني ..
قد تكون رائعا في توضيح رغباتك وتحديد قيمك وأولوياتك وقد تكون مبدعا في التخطيط وكتابة الأهداف ولكن ببساطة أنت ( كسول ) , تشعر بالثقل ( مالك خلق ) , دائما ما تؤجل المهام حتى تتناساها أو ( لاحقا ) تنساها فعلا ..
اذن عليك ان تعرف أولا ما هو الكسل في مفهومه العميق !!
الكسل هو ( قلة تدفق الطاقة ) .. وأن تشعر بأن طاقتك تنفذ سريعا , القليل من المجهود يتعبك واحيانا حتى مجرد التفكير في القيام به يتعبك ايضا .. وطبعا لايمكنك توقع تحقيق أي هدف من الأهداف مع هذا التحدي العظيم ..
والحل : يكمن في خطوتين ..
أ / ( ارفع طاقتك ) حتى يصبح لديك مايكفيك لتحقيق أهدافك , وموضوع رفع الطاقة كبير وعميق نتكلم فيه بالتفصيل في تدوينة أخرى ( لاحقا ) , فهناك الكثير من الممارسات التي ترفع طاقتنا ولكن أولا علينا أن ندرك القاعدة الأهم في رفع الطاقة وهي
( قبل أن ترفع طاقتك .... احرص على ألا تخسر الطاقة أولا )
ويتم ذلك من خلال أن تضع لنفسك نظام (مراقبة ) للطاقة , والوعي بمن وما يستنزف طاقتك ثم بكل بساطة تخلى عنه .. مثال بعض الأصدقاء ( السلبيون ) هم أكبر مصصاصي ( الطاقة ) ابتعد عنهم , نعم ابتعد عنهم .. وستلاحظ الفرق المباشر على نتائجك ,
( التنفس ) .. وهي طريقة بسيطة وفعالة لرفع طاقتك , فالتنفس هي العملية الوحيدة التي نقوم بها (24 ساعة) بلا انقطاع , تخيل اذا ما قمت برفع جودة التنفس كيف سينعكس ذلك على جودة حياتك كلها .. وببساطة قم بأخذ نفس عميق يملأ رئتيك لمدة 5 مرات متواصلة وعد لمواصلة حياتك , هكذا بين فتره واخرى حتى تعتاد على ذلك .
ب / ( التركيز ) .. ركز على استغلال طاقتك في انجاز المهام المحددة المرتبطة برغبتك وابتعد عن المشتتات , فبعض الأمور التي نقوم بها يوميا هي أكثر ما يستنزف طاقتنا مثلا الساعات التي نقضيها على ( تويتر , يوتيوب , الخ ) وبالأخص أن لم تكن مرتبطة برغباتنا واهدافنا مباشرة .
التحدي الرابع : عدم الاستمرارية ..
تخيل أن شخص حدد رغباته , تأكد من أن اهدافه متوافقة مع منظومة قيمه , تغلب على الكسل والتشتت , هو الان متحمس وبدأ في ممارسة عادات جديدة ( قراءة , عمل , كلم ناس ) .. اليوم الثاني بدأ متحمس , مكمل , ملتزم .. اليوم الثالث متحمس وملتزم بس ( شوية أقل ) .. اليوم الرابع حماس أقل .. اليوم الخامس فكرة الهدف مازالت موجودة ولكن مجرد ( فكرة ) ..اليوم السادس لأنه ابتعد ( شوية ) عن الهدف واعطى لنفسه الراحة ولم ينفذ شيئا وجد صعوبة في الرجوع للهدف .. اليوم السابع نسى ( الموضوع ) .. اليوم الثامن قال لنفسه ( ياعمي عيش حياتك ) ...
هذه القصة الحزينة هي قصة كل فرد منا حاول أن يسعى لهدف جديد واراد أن يبني عادة جديدة .. اليس كذلك؟
والسبب في ( عدم الاستمرارية ) هو عدم وجود الإرادة والقرار الداخلي , وربما أن الهدف من الأساس لم يكن ارادة حقيقة , مجرد هفوة أو أمنية بسيطة ..
والحل : ببساطة هو تعزيز الإرادة وذلك باستمرار تحفيز أنفسنا داخليا , رغبتك وهدفك يحتاج منك الى العناية والاهتمام , تقويته , تهيئة الأجواء المناسبة له , ( تحبب ) نفسك فيه .. هذه مهمة الأقوياء الذين يحققون اهدافهم ..
ملاحظة ..
اترك دائما مجالا للانسحاب من تحقيق هدف معين , متى؟ اذا اثر هذا الهدف على حياتك ( سلبيا ) لفترة طويلة ( نسبيا ) .. وللتوضيح عليك أن تدرك بأن اي هدف جديد من الطبيعي أن يزعجك قليلا وأن يخرجك خارج مناطق راحتك. وهذا ( طبيعي ) .. لكن اذا استمر هذا الإنزعاج لفترة طويلة وأصبح يؤثر سلبا على حياتك و أسرتك وعلاقاتك وصحتك عندها ( توقف ) .. حاليا هذا الهدف لايتناسب مع مرحلتك , ابحث عن هدف أصغر أو هدف اخر .. بشرط أن لايكون عذرا دائما للانسحاب من جميع أهدافك فالقاعدة تقول ( الانسحاب استثناء , والاستمراية هي الأساس ) ...
التحدي الخامس ( والأخير ) : ثلاث قناعات مغلوطة تمنعك عن تحقيق هدفك ..
أ / الخروج من منطقة الراحة يزعزع سلامي الداخلي .
ب/ الالتزام بشيء يقيد حريتي .
ج / مع الجهد تأتي المعاناة .
والحل : يكمن ببساطة في أن تقوم باستبدال هذه القناعات بقناعات جديدة ..
أ / السلام الداخلي قيمة مهمة , ولكن الخروج من منطقة الراحة يرفع من جودة حياتي والانزعاج المؤقت هو أمر طبيعي وصحي .
ب / الحرية مبدأ عظيم , والالتزام علامة على حريتك لأن الذي يستطيع أن يتغلب على نفسه ويلتزم هوالشخص الحر , حقا .
ج / الجهد لا يعني المعاناة , الجهد يعني التحرك والسعي والبذل ويمكن أن يكون الجهد باستمتاع والتعب الجسدي أمر طبيعي .
وكما قال جيم أرون ( نجاح بلا جهد يعطي سعادة بسيطة , نجاح مع وبعد الجهد يعطي سعادة عظيمة ) ..
واخيرا ..
اود القول بأنني هنا لا أقوم ( بالتنظير ) عليكم , فربما أغلبكم أكثر علما وخبرة ونجاحا وانجازا مما حققت , ولكن كتابتي لهذا المقال هو في الواقع تحدي ( لنفسي ) واردت تطبيقه على ارض الواقع .. فمنذ 3 سنوات وأنا في بداية كل عام اضع هدفا بأن انشئ مدونة واقوم بكتابة مقالات شهرية , ويبدو واضحا أنني كنت شخصيا أمر بجميع ( التحديات ) السابقة ذكرها .. وكتابتي لهذا المقال هو كسر لهذه القناعات والتحديات , وأنا هنا الزم نفسي أمامكم بأن اكتب مقالا واحدا كل شهر .. ومن باب التعاون والتكاتف أطلب لمن أراد منكم وممن يعرفني شخصيا نشر مقالتي الأولى هذه ( إن وجدتها ذات فائدة ) و ايضا متابعتي في تحقيق هذا الالتزام .. إن نجحت في ذلك فالفضل لله ثم لكم ولتشجيعكم وإن لم استطع فاذكر نفسي واياكم بالمقولة التي اختم بها مقالي ..
( افشل سريعا .. وانهض مجددا )
دمتم منجزين ...
مراجع
" توكيدات "
" كيف تخطط لحياتك ؟ "
" العادات السبع الأكثر فعالية "