⁃« أريد أن أدلكم اليوم على شيء فيه لذة كبيرة ، و فيه منفعة كبيرة ، و تكاليفه قليلة. فهل تحبون أن تعرفوا ما هو ؟ هو المطالعة »
⁃هكذا بدأ الطنطاوي في كتابه [ فصول في الثقافة و الأدب ] حديثه عن المطالعة. هذا الفن اللذيذ و الممتع.
⁃الطنطاوي القارىء النهم يخبرنا عن نصابه اليومي من القراءة حيث يقول: « أنا من نصف قرن أقرأ ما لا يقل معدله اليومي عن عشرين صفحة ، بل لا يكاد يقل عن خمسين ، فاحسبوا كم يبلغ مجموع عشرين صفحة في اليوم في خمسين سنة؟ أكثر من ثلث مليون. »
⁃ثم ينصح على التعود على مثل هذا النمط حسبما يشاء القارىء أن يقرأ من صفحات. سواء أكانت خمس أو عشر أو أكثر و في الزيادة خير. المهم ألا يتركها أبداً لأجل أن تتحول إلى عادة يومية.
⁃و للمطالعة فوائد عدة. أذكر هنا أبرزها: -1- تحفيز الذهن، القراءة تبقي الذهن في حالة تحفيز يبطيء أو يمنع حدوث الزهايمر و فقدان الذاكرة، فالمخ كأي عضلة في الجسم تحتاج إلى تمرين لتحافظ على قوتها و صحتها ، و لذلك تأتي القراءة كتمرين ذهني لتتسيَّد الحلول الناجعة في مواجهة مثل هذه المشكلات الذهنية.
⁃-2- التقليل من الإجهاد النفسي ، فبمجرد أن تنسجم في أحداث رواية ممتعة أو مقالٍ بديع فذلك سيدفع بنسيانك للمشاكل التي أدت بك إلى هذا الإجهاد المُنهك.
⁃-3- المعرفة ، فـالأديب أمين معلوف يقول: « أقرأ الكتب فقط للتقليل من جهلي » اقرأ فلا تعلم متى ستحتاج ما تقرأه. و كلما ازددت معرفةً و قللت من جهلك كلما كنت قادراً على التعامل مع أي تحديات تواجهها.
⁃-4- التشبع من المفردات اللغوية: كلما قرأت كلما تشبعت مفردات لغوية. و عليه بإمكانك امتلاك قدرة وصفية هائلة لما ترغب أن تتحدث عنه. و لمن يريد خوض غمار الكتابة عليه أن يلج في بحر القراءة ليخرج منها و قد استمكَّن جيداً من قدرته في الوصف.
⁃-5- كما أن الكتاب خير جليس، فقراءته خيرُ مهربٍ من واقعك و لو لفترة مؤقتة. و لأجل ذلك هي « بنادول نفسي » للـ(الاكتئاب و القلق).
⁃و لذلك أفصح المتنبي عن خير جلسائه، فقال: « أعزُّ مكانٍ في الدُنى سرج سابح...وخير جليسٍ في الزمان كتابُ »
⁃و أختم بالمقولة التي استقيت منها بتصرَّف عنوان هذا المقال: « كلا...لست أهوى القراءة لأكتب ، و لا أهوى القراءة لازداد عمراً في تقدير الحساب...و إنما أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة في هذه الدنيا ، و حياة واحدة لا تكفيني » عباس العقاد.