يَجيءُ الليلُ لِيوقِظَ الحُجرةَ التي لطالما اجْتهدتَ في تَنسيقِ زواياها نهارًا، يُفسِدُ تَرتيبَها وَ يمحَقُ سَكينَتَها! أما زِلتَ تَذكُرُ تِلكَ الليلة ؟!
بينما كُنتَ تَرقُدُ في سريريِكَ أَرِقًا تَتَقلبُ يُمنةً ويُسرة، تُفَكِّرُ في تِلكَ الزاويةِ مِن عَقلِكَ -المُدوَّنَةِ في قائِمَةِ المُلاحظاتِ في هاتِفِكَ النقال- التي تُرتِّبُها ليلًا نهارًا،
تُحرِّرُها مَطلَعَ كلِّ شهر، تُضيفُ إليها أهدافًا بسيطَةً المنالِ –لا يمكنُ تحقيقها- لتُعاوِدُ حذفها كأنَّ شَيئًا استؤصِلَ مِنك .
شَعرتَ لَيلَتها بِحرارةٍ تَتَوَهَجُ في عُروقِكَ، أَتذكُرُ حينَها كيفَ نهضتَ من سريريِك مُحاوِلًا تحقيقَ هَدَفٍ ما من لائِحَتِكَ الطويلةِ تِلك،
شُعورٌ ما احتلَّكَ بغتَةً: أَهوَ الإرادة أو رُبَّما الذَنب، أتدري ما هوَ؟!
نَظرتَ إلى ساعَةِ الهاتفِ مُحاوِلًا إدراكَ صِّحَةِ الأَرقامِ (الثالِثَةِ وَ خمسٍ وعشرينَ دَقيقة)!
انطَفَأَ تَوَهُجَ النارِ وَكَأن شَلّالًا مِنَ الماءِ انهَمَرَ بِداخِلِك!
استلقيتَ هامِدًا في فراشِك أَردتَ الخُلودَ في نومٍ عميق، لكن شُعورًا بِداخِلِكَ ما زالَ يَقِظًا وإذ تَجِدُ نفسَكَ واقِفًا أمامَ بابِ الثلاجَةِ تنظُرُ للطَعامِ جائِعًا لكن ليسَ كما الجوعُ الذي عَهِدناهُ ذاكَ الذي يرافِقُهُ رغبَةً في التقامِ ما لذَّ وطاب؛ بل خَمْصُ الإرادة في تَحقيقِ أهدافِكَ الغَريرةِ التي تَدنو مِنكَ وتُعاوِدُ الابتعادَ عنكَ أميالًا.
رَقدتَ في سريرِكَ مرةً أخرى تُحاوِلُ الصُمودَ مُرتَقِبًا الفجر، فَدقائِقَ قليلةٍ ويُشارِفَ مَوعِده (الرابعةِ وسَبعُ دقائِق)!
غَفوتَ لِثوانٍ قليلةٍ مُدرِكًا كُلَّ ما حولِكَ، صَوتُ المؤَذنِ تَسلَّلَ لِأُذُنيكَ مُكَرِّرًا "الصلاةُ خيرٌ مِنَ النوم". صليتَ وتَسمَّرتَ باتجاهِ القبلةِ مُتأمِلًا الغرفَةَ التي تَقطُنُ فيها وكأنكَ تراها لِأولِ مَرَةٍ.
مَضى الوقتُ كَ نيزَكٍ عَبَرَ السماءِ الحالِكَة، هكذا تَسيرُ عَقارِبُ الساعة نُحاوِلُ دائِماً فَهْمَ ماهيةُ سُرعَةُ دورانِها دونَ جدوى!
وها هيَ المرَّةَ الأخيرة التي ترَقُدُ فيها مُنهَكًا في فراشِكَ على أَمَلِ النوم لِبضعِ ساعاتٍ فقط لِتبدأَ حَياةً جديدةً بعدَها،
الشمسُ تَسطُعُ شيئًا فَشيئًا،
أُغمِضَت عيناك،
الساعَةُ الآن الواحِدَةُ ظُهرًا،
وما زِلتَ نائِمًا...
ش.~ش.