إستأجرت أسرة مهاجرة إحدى الشقق في عمارة لسيدة فاضلة تدعى أم صابر، و بعد أشهر من استقرار هذه الأسرة في الشقة اكتشفت أم صابر أنها أسرة مزعجة لجيرانها في العمارة و حتى خارج العمارة، حيث أتاها أكثر من ساكن يشتكي من سوء تصرفات أفراد هذه الأسرة. و من ضمن الشكاوي هو أن أفراد هذه الأسرة يصدرون أصواتاً مزعجة في كل الأوقات بحيث يسمع صداها في أرجاء العمارة كلها و كانوا يتنمرون على أبناء جيرانهم. و في بعض الأوقات ينزلون إلى المزارع القريبة من العمارة فيسرقون منها الخضروات و الفواكه و يتلفون محصاصيلها. كذلك هم تسببوا في خراب الحديقة المجاورة للعمارة و تدميرها و الكتابة على جدرانها، أكثر من ذلك كانت هذه الأسرة المزعجة تأتي بأقاربها المهاجرين و تسكنهم معها في الشقة و كانت كثيراً ما تفتعل المشاكل مع مع بقية السكان في العمارة.
في يوم من الأيام و بينما كانت أم صابر تتفقد الشقق و ساكنيها، تفاجأت بأن هذه الأسرة المزعجة قد استولت على إحدى الشقق المجاورة لشقتها بعد أن أجبرت ساكنيها على إخلائها و أسكنت فيها أسرة مهاجرة أخرى من أقاربها، فطلبت منهم أم صابر إخلاء الشقة و تسليمها المفاتيح و لكن الأسرة رفضت و تهجم أفرادها على أم صابر حتى أجبروها على الفرار إلى مسكنها في نفس العمارة. على أثر ذلك رفعت أم صابر عريضة شكوى لدى الجهات المختصة طالبة منها إجبار الأسرة المهاجرة على إخلاء الشقة التي استولت عليها، و لكن الجهة المختصة لم تتخذ الإجراء الصارم الحازم لإعادة الشقة إلى أم صابر و إنما اكتفت بإبلاغها أنها سوف تعمل على تحقيق ذلك بعد التحقق من حيثيات الشكوى و الإستماع للطرف الآخر. فرجعت أم صابر تنتظر الإجراء الذي طال. و مع الزمن الذي اتخذته إجراءات الجهات المختصة للتحقيق، استغلت الأسرتان المزعجتان وجودهما في العمارة لاستقدام المزيد من أقاربهما و خصوصاً من سيئي الخلق و البلطجية و الذين قاموا بطرد المزيد من العوائل و السكن مكانها، و لما استفحل أمر هذه الأسرة و الأسر التي احضرتها عندها استعانت أم صابر بأخوتها الذين يسكنون بالقرب منها لإخراج هؤلاء البلطجية من العمارة. فحضر الإخوة و أبناؤهم جميعاً يحملون بأيديهم العصي و الهروات و قد تملكهم الغضب و الغيض من تصرف هذه الأسرة و أقاربها و ما فعلوه بأختهم و كانوا ينوون إخراجهم بالقوة و البطش بهم، و لكنهم تفاجأوا بأن هؤلاء البلطجية يمتلكون أسلحة نارية أرسلها لهم بعض أقاربهم و قد تحصنوا داخل الشقق التي استولوا عليها و باشروا بإطلاق النار على أم صابر و أبنائها و أشقائها و بشكل مباشر مما أسفر عن مقتل إثنين من أبنائها الصغار و أحد إخوتها. و هنا أدرك إخوة أم صابر حجم المشكلة و أن السلطات المسؤولة لن تنصفهم، فذهبوا يبحثون عن السلاح لأخذ الثأر بأيديهم من هؤلاء البلطجية المجرمين و إخراجهم من عمارة أختهم. و لكن البلطجية أيضاً استغلوا هذا الوقت باستقدام المزيد من أقاربهم و إحضار المزيد من السلاح و الذخائر و تخزينها في العمارة و الإستيلاء على المزيد من الشقق فيها. و بعد أيام حضر إلى العمارة الأشقاء و معهم بعض السلاح الذي استطاعوا شراءه و كانوا ينوون اقتحام الشقق على هؤلاء القتلة و أخذ ثأرهم منهم، و عندما تقدموا للإقتحام تفاجأوا مرة أخرى بأن عدد البلطجية في العمارة قد تضاعف و أنهم انتشروا في مواقع أكثر من العمارة بحيث أخذوا يطلقون النار على الأشقاء و أبنائهم من طوابق عدة مما اضطر الأشقاء إلى التراجع و الإنسحاب بعد أن أصيب عدد منهم و من أبنائهم، و لما أدرك الإخوة عجزهم توجهوا مرة أخرى إلى الجهات المسؤولة فقدموا شكوى جديدة بأسمهم متهمين البلطجية بالإستيلاء على عدد من الشقق في عمارة أختهم أم صابر و إطلاق النار عليهم و التسبب بمقتل و إصابة عدد منهم. و هنا أرسلت الجهات المسؤولة مندوباً عنها للتحقيق بالقضية و إقناع البلطجية بإخلاء الشقق التي استولوا عليها و إعادتها إلى صاحبتها. و لكن البلطجية استطاعوا أن يرشوا محقق الجهات المسؤولة و يقنعوه ليسجل في تقريره أن الأرض كانت تخص أجدادهم و أن أم صابر استغلت وفاة أصحابها و عدم وجود وارث لهم في المنطقة، فقامت ببناء هذه العمارة عليها مدعية ملكيتها بصك يثبت ذلك. و لما عاد المحقق إلى السلطات بتقريره، استدعت السلطات أم صابر و أبلغتها بإدعاءات البلطجية و أن لهم نصيباً في العمارة التي بنتها و طلبت منها التفاهم معهم بالتنازل عن الشقق التي استولوا عليها و الإكتفاء بالشقة التي تسكنها، و عندما طلبت أم صابر من مسؤولي جهات التحقيق الإطلاع على المستندات و الصك الذي تمتلكه أفادوها بأن الصك قديم و أنه صادر من سلطة لم يعد لها وجود !!
و هنا عادت أم صابر إلى إخوتها و هي تبكي فأطلعتهم على ما جرى من أمر البلطجية و كذلك على قرار الجهات المسؤولة. فما كان من بعض إخوتها إلا أن لاموها و عنفوها و اتهموها بالتسبب بمقتل أبنائها و أخيهم، و أنهم دفعوا ثمناً كبيراً جراء وقوفهم إلى جانبها حيث لا ناقة لهم و لا جمل بعمارتها و لا بساكنيها.
و أنها تسببت بتفويت فرصتهم للإنتفاع من قوة نفوذ هؤلاء البلطجية لدى الجهات المسؤولة و من الإستفادة من خبراتهم في تكوين الثروات و جني الأموال.
و اليوم و بعد أن كبرت أم صابر و شاخت لم تستسلم و إنما سلّمت قضية عمارتها مع وثائق التملك لأبنائها و أحفادها، بينما إخوتها تنازلوا للبلطجية عن دمائهم و دم أخيهم بشكل رسمي عند السلطات و وقعوا على ذلك و أصبحوا أصدقاء لمن كانوا أعداءهم بالأمس و تربطهم اليوم بهم علاقات و شراكات تجارية متعددة، و يتعاونون فيما بينهم لاستثمار عمارة أم صابر. فهل سينجحون أم أن أبناء أم صابر و أحفادها سيتمكنون من استرداد حقها المغتصب ؟
عتقد أنكم قد عرفتم أطراف القضية.
فهل تؤيدون أم صابر بالاستمرار بالمطالبة لاسترداد حقها المغتصب ؟ أم ترون أن إخوتها على حق بالتنازل و عقد الصلح و الصلح خير كما يقولون ؟