التربية في مجتمعتنا باتت نظام ديكتاتوري لا يمكنك المشاركة في اتخاذ القرار وإلا تصبح فتى عاصي متمرد لم تعرف أخلاقوحقوق والديك عليك يومًا.
اؤمن ان للوالدين حقوق وآداب علينا الالتزام بها لكن ما اثار دهشتي حقًا في هذا الموضوع انههناك فرق بين احترام الآباء وبين فرض سيطرتهم علي الابناء .
فالشخص في النهاية من حقه اختيار مجال دراسته الذي باتسنين يحلم به حتي وان لم يكن ملائم للوجهة الإجتماعية للعائلة مادام انه لم يكن مجال غير اخلاقي او مهني ،ولكن هنا تظهرالمعضلة ويظهر اعتراض الأم علي قرار ابنها في اختيار مجال غير مناسب له في وجهة نظرها لانه بالطبع سيكون اقل من ابنخاله الذي التحق بإحدى كليات القمة العام الماضي ويظهر الأب ليكمل حبكة هذا المشهد الدرامي انت عايز تجلب لنا العار لماتدخل كلية زي ديه اروح بوشي فين من عماتك واعمامك.
لا طالما شهدنا هذا المشهد مرات عديده ولازال يتكرر حتي الان فيكثير من الأحيان وإذا اصر الابن اكثر علي قراره لانه لا يجد ما يقنعه في ان يُعرض عن قراره انهالت عليه الآيات القرآنيةوالأحاديث الدينية التي تشدد علي عقوبة العقوق بالوالدين ولكن هنا يأتي السؤال اين العقوق في ان يتخذ شخص عاقل بالغ قراره في تحديد الكلية التي يريد ان يدخلها ومجال العمل الذي يريده؟! وهذة فتاة ترفض ابن خالتها كعريس فيه كلمواصفات فارس الأحلام الذي تتمناه اَي فتاة في مثل عمرها ولكنها تجرأت وأبدت رفضها له كالعاده تتدخل الأم لتقنع ابنتهابالموافقة وأنها ادري بمصلحتها وتعلم ما هو الأصلح والانفع لها وأنها لازالت صغيره غير مدركة ما تريد ماذا تدري هي عن الحياة!! تلك الصغيرة التافهة علي الرغم من تجاوزها للسن القانوني الذي يعطيها حق الاختيار وأعتراف صريح من الدولةبانها أصبحت كبيرة وقادرة علي مواجهة واتخاذ اَي قرار مصيري في حياتها بكل حرية ولكن الأهل يسلبوها هذا الحق بكل سهولة وهي في وجهة نظرهم لازالت طفلة وإذا استرسلنا في الأمثلة لن ننتهي .
اعلم ان بعضهم يخاف علي ابناءه بشدة لكن الخوف الزائد يولد شخص ضعيف الشخصية يحتاج لمن يعوله باستمرار فهم بذلك يضروه ،لماذا لا نثق في آرائهم و اختياراتهم ولو لمرة واحدة نعطيهم الفرصة وان تعثروا نقف بجانبهم ونشجعهم مرة تلو الاخري ،ولكن في مجتمعتنا ان اُتيحتلك الفرصة علي سبيل الصدفة وتعثرت ولم يكن قرارك موفق فمبروووك عليك بحكم الإعدام علي اتخاذ اَي قرارت مستقبلية بعد الآن وطبعا هذا الحكم حكم نهائي غير قابل للنقد بأي شكل من الأشكال وان فكرت او تجرأت ان تُعيد الكره سيواجهُك في كل مرة بشبح قرارك الخاطئ ويذكروك بفشلك وأنك شخص غير مؤهل لاتخاذ آي قرار في حياتك ،وكأن قرارات الأهل هي القرارات الإلهية التشريع وأنها دائما صواب لا يحتمل الخطأ.
لذلك أصبحت التربية عندنا في غالب الأحيان عبارة عن نظام قمعي غير قابل للنقاش وان اعترضت فعقاب الرب عليك كفيل بأن يدمر حياتك للابد . ساعات اُبرر هذا النوع المنتشر من التربية في مجتمعتنا من واقع نظام السلطات القمعية فالأسرة مجرد مثال لذلك والآباء هم مثال لتلك السلطة التي اعتادت ان تأمر وتنهى دون وضع اَي اعتبار لمن تحكمه وكأن اعتيادنا علي تلك الأنظمة من السلطة في مجتمعتنا جعلنا نصنع منهانماذج مصغرة في حياتنا الأب مع ابناءه والزوج مع زوجته حتي المدير مع موظفيه وغيرها من الأمثلة التي تؤكد ان الديكتاتورية في حياتنا أصبحت أسلوب حياة وانه لم تكن لدينا يومًا فكرة تقبل الرأي والرأي الاخر في مجتمعتنا.
فأصبح الان لدينا كم من طالب في كلية لا يطيق سماع اسمها يعاني في دراسة موادها يتألم ليلاً بين صفحات كتبه في مواد لا يحبها لااحد يشعر بمعناته غير نفسه! وكم من جوازة اجبر عليها الأهل ابناءهم ولا يدرون ما يحدث لهم من معاناة خلف الكواليس !وكل ذلك بسبب تعنت الأهل واعتقادهم بأنهم ينفعون بذلك ابناءهم .
اقتنع اقتناع تام بأنه لا يوجد اب اوام يريد الضرر بابنه ولكن ضرره الحقيقي يكمن في فهمه الخاطئ لمفهوم التربية الصحيح وتجاهل حقه في اتخاذ قراراته المصيرية بنفسه وان الأهل هم مجرد خير ناصح وداعم له ولكن ليسوا اصحاب القرار النهائي ولا يجب علينا اتخاذ اسلوب الترهيب لجعلهم خاضعين ومنساقين وراء قرارتنا لهم يجب إعانتهم علي ان يكونوا طائعين لنا علي قدر الإمكان مُراعين شعورهم اتجاه ما يريدون فعله وتوجيهم بطريقة سليمة خالية من اَي تعنت او استبداد.
