تعريف الحلم
ذُكرت أقاويل وآراء كثيرة تتعلق بالحلم، وتعريفه، ومفهومه، منها ما يعود إلى الدين الإسلامي، ومنها ما يعود إلى دراسات نفسية قام بها علماء النفس، فمثلًا فرويد يرى أن الأحلام هي سلسلة من التخيلات التي تحدث أثناء النوم، وهي وسيلة تلجأ إليها النفس البشرية للتنفيس عن رغباتها المكبوتة، ولذلك تبدو الأحلام في كثير من الأحيان غير منطقية وخالية من المعنى، وأقرب إلى تفكير المجانين، أما في الإسلام فقد كان ثمة توضيح يبين الفرق بين الرؤيا والحلم، ومن ذلك ما ورد أن الحلم هو الأمر المزعج الذي يراه الإنسان في منامه ويكون من الشيطان، وفي السنة النبوية يُفضّل أن يتعوذ الإنسان عندما يراوده حلم مزعج أو مكروه في نومه، ولا بد من الإشارة إلى أن الفرق بين الرؤيا والحلم دقيق جدًا
الفرق بين الرؤيا والحلم
من خلال التعريفين السابقين لكل من الرؤيا والحلم، يمكن القول إن ما يراه الإنسان في نومه إما أن يكون أمرًا صادقًا وصالحًا، ويريح النفس ويبشر بالخير، أو ينذر من وقوع الشر، وإما أن يكون أمرًا مزعجًا مكروهًا من الشيطان، وبناء عليه يمكن القول إن الفرق بين الرؤيا والحلم يقوم على أساس مضمون ما رآه الإنسان في منامه، فالرؤيا: هي مشاهدة النائم أمرًا محبوبًا، وهي من الله تعالى، وقد يراد بها تبشير بخير، أو تحذير من شر، أو مساعدة وإرشاد، ويسن حمد الله تعالى عليها، وأن يحدّث بها الأحبة دون غيرهم. أما الحلُم فهو بالعكس؛ أي هو: ما يراه النائم من مكروه، وهو من الشيطان، ويسن أن يتعوذ بالله منه ويبصق عن يساره ثلاثًا، وألا يحدِّث به، فمن فعل ذلك لا يضره، كما يستحب أن يتحول عن جنبه، وأن يصلي ركعتين، ومن الأمور التي تدل على الفرق بين الرؤيا والحلم أن الرؤيا في أغلب الأحيان تكون صادقة، وتُعد جزءًا من أجزاء النبوة، وهي تدل على أمور صالحة، ولم يرد مثل هذا الكلام عند أهل الفقه، والمطلعين على السيرة النبوية عن الحلم، وبهذا يمكن القول إن الرؤيا والحلم يشتركان فقط في كونهما أمر يراه الإنسان في منامه، أما مضمونهما متناقض جدًّا، والله أعلم.
أنواع الرؤى في الإسلام
إنّ ما ذُكر عن الفرق بين الرؤيا والحلم لم يجعل الأمر سهلًا للتفريق بين أنواع كل منهما، وذلك لأن البعض عندما يريد أن يبين أنواع الرؤيا يدرج من ضمنها ما يدل على أنها حلم وتفسير الأحلام بالقرآن والسنة، وذلك ليس لخطأ من العلماء المطلعين على الشريعة الإسلامية، بل إنهم يتكئون على ما ورد في الكتاب والسنة، ومما ورد في أنواع الرؤيا أنها ثلاثة، وهذه الأنواع تساعد على تبين الفرق بين الرؤيا والحلم إلى حد ما، وتحدد القواسم المشتركة بينهما، وهي:
رؤيا من الله:
والدليل على أن ما رآه الإنسان هو رؤيا، وأنها من الله تعالى، أنها تكون مبشرة بالخير، وفيها شيء من الصلاح والهداية، أو قد يكون فيها تنبيه من وقوع الشر أو الأذى.
رؤيا من الشيطان:
والدليل على أن ما رآه الإنسان هو من الشيطان، وتكون محزنة لمن رآها، وفيها شيء يدل على الخوف أو القلق، أو أحد الأمور التي تسبب الحزن والكآبة لمن يراها.
حديث النفس:
أما حديث النفس فهي الأمور التي يحدث بها الإنسان نفسه، أو ما يمر معه في نهاره من أحداث وقصص وتفاصيل كثيرة، أو ما يتعلق بعمله وما إلى ذلك. وبناءً على ما سبق يمكن القول إن الحلم هو نوع من أنواع الرؤيا، فإذا كانت من الله سموها رؤيا، وإذا كانت من الشيطان سموها حلمًا، وهذا ما يمكن استنتاجه من خلال ما سبق، ويؤكد وجود الفرق بين الرؤيا والحلم.
حكم تفسير الرؤى والأحلام
إنّ الحديث عن الأحلام والرؤى يطول كثيرًا، ولعل ذلك يعود إلى كثرة اجتهادات الناس حول هذا الموضوع، وبعد أن صار الفرق بين الرؤيا والحلم واضحًا، وتبينت أنواع كل منهما، وعُرف ما يتعلق بهما من بعض الأحكام، يمكن للمسلم أن يستفسر عن تفسير الأحلام وحكمه في الإسلام، وإذا ما كان مقبولًا شرعًا أم لا، وفي هذا الصدد ورد أنه لا حرج في قراءة كتب تفسير الأحلام حسب فتاوى اسلام واى، فهي كتب يستفيد منها طالب العلم، ولكن الأفضل ألا يعتمد عليها بالمطلق بل بالأدلة. فلا بد أن ينظر إلى الأدلة، ويتعلم، وينظر القرائن، وإذا أشكل عليه الأمر لا يجزم، إنما يقول: لعل المراد كذا، وإذا رأى رؤيا طيبة، حمد الله عليها، وإن رأى ما يكره، فعليه أن يتفل عن يساره ثلاثًا، ويقول: أعوذ بالله من الشيطان، ومن شر ما رأيت ثلاث مرات، وإن الذي يعبر الرؤيا لا بد ينظر ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن يعرف الأحاديث الواردة، ويستفيد من الكتب، ولكن لا يعتمد على قول فلان وفلان، وإنما يعتمد على الأحاديث، والدلائل الشرعية، والقرائن الشرعية لتفيده، ويتثبت في الأمور، ولا يعبر الرؤيا إلا عن بصيرة.
علامات الرؤيا الصادقة
عند الحديث عن الفرق بين الرؤيا والحلم تبين أن الرؤيا جزء من النبوة، ولكي لا يُفهم هذا الكلام على غير وجهه الصحيح لا بد من توضيح الدلالة على صدق الرؤيا، وفي هذا الأمر ورد أنه قد تتفاوت أحوال الرؤيا، فيتذكر الرائي رؤياه بشكل واضح وقد ينسى بعضها، ومع ذلك فإن وضوح الرؤيا في النوم، وتذكرها لا يدل بالضرورة على صدقها ولكنها لا بد أنها تحمل البشرى للرائي، ولذلك يتوجب على الرائي أن يواظب على الطاعات والعمل الصالح، وذلك لأن رؤيا المسلم قد تكون رؤيا صادقة بقدر استقامته وصدقه في الحديث.
وهذا هو الغالب في المؤمن المستقيم، وقد تكون في بعض الأحيان مجرد أضغاث أحلام، وهذا كثير الوقوع لمن نام يُفكر في أمر ما، وقد تكون من لعب الشيطان بالإنسان وهو كثير في الفجار، ومما هو جدير بالذكر أن الإنسان الصالح قد يرى الأضغاث ولكنه نادر؛ لقلة تمكن الشيطان منه؛ بخلاف عكسه فإن الصدق فيها نادر؛ لغلبة تسلط الشيطان عليهم، وعليه قسّم العلماء الناس إلى ثلاث درجات: الأنبياء ورؤياهم كلها صدق وقد يقع فيها ما يحتاج إلى تعبير، والصالحون والأغلب على رؤياهم الصدق وقد يقع فيها ما لا يحتاج إلى تعبير، ومن عداهم يقع في رؤياهم الصدق والأضغاث وهي على ثلاثة أقسام: مستوون فالغالب استواء الحال في حقهم، وفسقة والغالب على رؤياهم الأضغاث ويقل فيها الصدق، وكفار ويندر في رؤياهم الصدق جدًّا، والله أعلم، ولعل هذه العلامات من الأمور التي توضح الفرق بين الرؤيا والحلم أيضًا.