"أحب الأعمال إلى الله سرورٌ تُدْخِلَهُ على قلب المسلم" كما أخبرنا الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلوات وأتمها. أبواب القلوب كثيرة جداً، وأشكال السرور كثيرة ويعرفها الجميع. كلمة طيبة، إبتسامة، هدايا، زيارة أومساندة. لكن الذكاء كل الذكاء أن تخلق باباً جديداً، وتصنع سروراً يحمل بصمتك يدخل القلب دخولاً لا يشبه غيره، ويعلق في فضاء القلب كنجمة.
تمر السنوات والسنوات وتبقى هذه النجمة مضيئة لا تغفو! تضيء في القلب وعلى الوجه وتنعكس على عيون الآخرين!
سعادة عمتي-رحمها الله- القديمة مثلاً، لا تزال عالقة في قلبي رغم مرور سنوات كثيرة على تلك اللحظة! كانت عمتي -رحمها الله- تحفظ قصائد كثيرة في مدح القبيلة والأجداد، وكانت ترددها دائماً في مجالسنا. وفي يوم من الأيام طلبت منها إحدى قريباتي أن تُملي عليها القصص والقصائد، حتى تكتبها وتحفظها. قالت لها إنه تاريخ عظيم ويجب أن يُحفظ. والحقيقة أن قريبتي لا يهمها الشعر ولا تهمها القبيلة، ولكن يهمها كثيراً قلب عمتي. كانت عمتي سعيدة جداً تسرد عليها الأبيات، وتضحك ضحكة جميلة كلما وقفت قريبتي لتتهجأ كلمة بدوية قديمة! لا يوجد أعظم من تجعل المسن يشرع بأن بضاعته القديمة صالحة وجديرة بالإهتمام!
أختي الصغرى ذكية جداً أيضاً! لم تعود مع جدتي لأماكن الماضي ولكن أخذتها بعناية لمكان في الحاضر. أخذتها لصالون نسائي، وهناك كان نصيبها كم خدمة تناسب عمرها وفنجان قهوة تركي. خرجت منه سعيدة جداً وحتى هذا اليوم، تتذكر تلك اللحظة وتبتسم. رسالة لطيفة من أختي الصغيرة كانت تقف برقة خلف تلك اللحظة.
الحياة سريعة وثقيلة أيضاً، لذا نحتاج مثل هذه اللفتات الجملية، نحتاجها أن تكون منّا وإليَنا. نحتاج أن يكون لنا قلباً طرياً يَسْعَد و يُسْعَد. نحتاج قلباً واسعاً وفطنة جميلة حتى نسجل موقفاً كهذه، ونعلق إبتسامة تضيء عمراً كاملاً!