« الكمال لا يجعلك تشعر بالكمال، بل يجعلك تشعر بعدم الكفاية » ، الصحافية ماريا شرايفر.
⁃إن البحث عن الكمال لعنة. و هذه اللعنة ما إن تصيبك حتى تمنعك عن أداء عملك و إنهاءه بشكلٍ جيد.
⁃قرأتُ مرة موقفاً للكاتب أحمد العرفج يقول: "عِندَما كُنتُ أُعدُّ بَحث المَاجستير، أَوصَاني بَعض الدَّكاترة بأنْ أَتعمَّد ارتِكَاب بَعض الأخطَاء البَسيطَة، حَتَّى يَنشَغل بِهَا أَعْضَاء لَجنة المُنَاقَشَة، لأنَّهم إذَا لَم يَجدوا خَطأً، سيُركِّزون عَلى المَنْهَج، ويَخترعون نَواقِص وسَلبيَّات، فمُهمّة المُنَاقِش كَشْف الخَلَل في البَاحِث، حَتَّى يُثبت أنَّه قَرَأ البَحث الذي بَين يَديه بدِقَّةٍ وتَمعُّن"
⁃إن نصيحة هذا المشرف الأكاديمي ثمينة للغاية و لا تحصر. و إنما يجب أن نعممِّها لتصبح صالحةً لكل المجالات و ليس الأكاديمي منها فحسب.
⁃ يحكي الفيلسوف المعروف [روبرت جرين] ، عن القانون الـ46 من كتابه [كيف تمسك بزمام القوة] حيث يقول: « لا تظهر كاملاً أكثر مما ينبغي ، فظهور المرء أفضلُ من الآخرين خطرٌ على الدوام ، و لكن الأخطر من كل شيء ، هو ظهور المرء بِلا عيب ولا ضعف ، فالحسد يخلق أعداء صامتين ، و من الذكاء أن يكشف المرء عن نواقص فيه بين حينٍ و آخر ، و أن يعترف برذائل غير مؤذية لإبعاد الحسد ، و لكي يظهر المرء أكثر إنسانية ، و قابليَّة لأن يقترب منه الآخرون ، فالموتى فقط هم القادرون على الظهور بمظهر الكمال ، و الإفلات به من العقاب »
⁃إن أسوا عدوٍ لنفسك هو السعي إلى الكماليِّة. لأنك ترهق نفسك في سعيك لتحقيق شيء غير موجود. لن يصبح عملك كاملاً بكل تأكيد. ليس ذلك سيئًا. السيء هو أن تتأخر في الإنتهاء منه بغية تحقيق كماله. فلا أنت الذي انتهيت منه في موعده و لا حسَّنته حتى يصير كاملاً - و هذا لن يحدث بالمناسبة -
⁃و من يسعى إلى أن يصل للكمال المزعوم، لا يملتلك تقديراً وافياً لذاته. و من يعتقد بأن الحياة ليست مثالية و أنه سيرتكب العديد من الأخطاء فهذا متصالحٌ مع ذاته مما ينعكس ذلك إيجاباً على أداءه و إنجازاته.
⁃كما أن من أكبر مهدرات الوقت هو الأمل الزائف في تحقيق الكمال. تجدُ من يرغب في أن ينتظر للوقت المناسب لإنجاز عمله. لا يبدأ من ساعته و لكن ينتظر الساعة المثالية. هذا لن ينجز و سيظل ساكناً كما الجماد. فريقٌ يتحرك في سبيل تحقيق المنجزات - و لو كانت غير كاملة عند الإنتهاء منها - و فريقٌ ينتظر ساعته الموعودة ليبدأ العمل في سبيل الإنجاز الكامل. شتَّان ما بين الفريقين!
⁃ المثالية: داءٌ مستشري، و ورمٌ خبيث ما إن يبدأ في الإنتشار لن يتوقف حتى يُنهكك. و لذلك يقول الصحفي روبرت هيلير: « المثالية هي حالة ذهنية خطيرة في عالم غير مثالي »