( باحث في معايير التميز والمواصفات العالمية)
تعلمنا من موضوعات الادارة أن كل حدث أو فعل لابد له من سبب يسبقه , فنحن في حياتنا العملية أقدارنا لا تتحقق الا بأسباب , ذلك أن الله قدر الدنيا والحياة بالأسباب , فلا نجاح أو فشل أو عافية أو مرض أو غير ذلك قدره الله علينا بمجموعة من الأسباب.. قد يكون لنا في بعضها تدخل , وبعض منها قد يكون مفروضا علينا .
تعالت في الفترة الأخيرة صيحات الشكوى (( نحن نعاني من أزمة أخلاق )) !! تدبرت هذه الشكوى مرارا محاولا أن أبحث لها عن أسباب جذرية وحلول عملية كما تعلمت من موضوعات الادارة , وليس فقط اظهار مجموعة من أعراض المرض والحديث عن الأعراض بأسلوب سطحي قد لا يرتقي الى الحلول العملية .
الواقع يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن ثمة فجوة بالغة الاتساع , كائنة بين جيلين ( جيل الشباب , وجيل الكبار ) , ولعلها (( فجوة فهم )) سببت تلك الأزمة (( أزمة الأخلاق )) التي يشتكي معظمنا منها !
وأنا لا أعني من كلماتي بالضرورة أن يتفهم الكبار ويتقبلون أفعال الشباب كائنة ما كانت , ولكن لعل سوء الفهم بين الجيلين خلق تلك الشكوى في بعض الأحيان .
أستطيع أن أتفق مع معظم الآراء الشاكية , ولكن دعونا نحلل أسبابها الحقيقية , ونضع لها حلولا فاعلة :-
وأول ذلك : حين غاب بعض الكبار عن غرس الأصول والثوابت في جيل الشباب , كثرت الشكوى وعمت البلوى بينهم .
أننا بحاجه أولا أن نلوم أنفسنا قبل أن نشتكي , ثم نعاود السير الى الخلف لاستدراك ما فاتنا من تنشأة بعض الشباب على الأصول , والقيم , والأخلاق , وأساسيات الدين والعلم والرقي التي تدعو اليها كافة الأديان السماوية والأعراف الاجتماعية, ولا داعي لمزيد من اليأس في اصلاح ما فات , فالعلوم الانسانية والدينية تثبت أن المرء يستطيع أن يكون أفضل اذا هو أراد ذلك , وان وجد الدعم على ذلك . علينا أن نتفهم الأسباب الحقيقية ونتخذ لها الحلول الفاعلة .
وثانيها : الشباب قوة وكيان وثروة ! على المؤسسات قاطبة (الخاصة منها والحكومية) أن تستثمر قواهم وتفعلها وتحميها من الغزو الفكري الخارجي ( التطرف والمخدرات والمحبطات والخزعبلات والخرافات … وغيرها ) , علينا أن نوظف تلك العقول فيما ينفع الناس والأوطان , نتواصل مع الشباب عبر القنوات الاعلامية , نتفهم مشاكلهم , نستمع اليهم , نقدم لهم الدعم المادي والمعنوي , نتقبل أفكارهم دون أن نحجر عليها , ونوجههم لما ينفعهم وينفع أمتهم .
وأما ثالثها : أن نتفهم تغير الظروف وحداثة الأفكار , فالزمان يتغير , والأفكار تتبدل ! علينا أن نتفهم وجهات نظر الشباب وندعمهم طالما لم يخرجوا عن حدود الأدب والأخلاق والدين والعرف , فقط نشتكي ونبدأ العلاج الفوري أذا شاهدنا خلاف ذلك .
حفظ الله شباب أمتنا , وبلغهم أحلامهم.