بنظري أرى أن التعليم هو من الركائز الأساسية لأي حضارة في العالم ، فمنها تحدث النهضة والتطور ويُخلق الإبداع في شتى مجالات الحياة ، التعليم هي عملية تهدف إلى الإرتقاء بالأفراد وتغذية عقولهم بمعلومات وأفكار مفيده تدفع بعجلة الإنتاج إلى الأمام وتساهم في بناء مجتمعات وحضارات عملاقة وحلول مُفيده للبشرية جمعاء ، لولا العلم والتعليم لما كُنت أكتُب الأن من خلال لوحة المفاتيح الخاص بي والتي أبدع البشر في إختراعها على مر العقود الماضية وغيرها من مئات الإختراعات المفيدة التي إستفدنا منها كبشر جائت بسبب العلم والتعليم ونقل المعرفة من جيل إلى جيل ومن فرد إلى فرد.

التعليم من المفترض أن يكون عملية سهلة وسلسة تعمل على نقل المعلومة من شخص إلى أخر دون أي تعقيدات كما تعودنا في مجتمعاتنا العربية خلال العديد من المراحل الدراسية التي مررنا بها خلال السنوات الماضية ، معظمنا يتفق بأن واقع التعليم في الوطن العربيسيِّئ جداً للأسف الشديد وهذا برأيي نتج عن مشاكل مُتراكمة منذ سنين وصلت وتبلورت وظهرت ملامحها السيئة كما نراها حالياً ، فماذا تتوقع من جيل تربى في مرحلة الإبتدائية على أن المدرسة مكان "يقتُل المُتعة" ويحرمُك من كل شيء جميل ومن بعض الفئات من الأساتذة التي أقل ما يُمكن وصفهم بالمُهملين "يُلقنونك" المعلومات بشكل يقتُل أي قابليه لك على تلقي هذه المعلومات ، عوضاً عن مشاكل الصفوف الدراسية والمدارس التي تجعلُك تشعر بالغثيان فور رؤية هذه الصفوف والمدارس لقلة الإهتمام فيها من الناحية الجمالية وحتى في النظافة العامة لهذه المدارس والصفوف والتي تجعلك بكل معنى الكلمة أن تكره المدرسة وتكره الذهاب إليها.

في أغلب الدول نرى المدارس الخاصة النظيفة الجميلة التي تُغريك من الخارج وتدفعُك للتسجيل بأبنائك إليها من جمالها وحُسن معاملة الطاقم الموجود فيها لك ، ولكن سُرعان ما تكتشف أيضاً أن هذه المدارس ما هي إلا مشروع تجاري هدفه الربح والربح فقط ، فما الفائدة من توفير مكان نظيف وبيئة جيدة للتعليم ولكن الجوهر الموجود بالمناهج هو المُشكلة الكُبرى والحقيقية لديك ، فلو إفترضنا أنك قمت بتسجيل أبنائك في هذه المدرسة وتحملت التكاليف المرتفعة للغاية لهذه المدارس ، وتفاجئت لاحقاً أن أبنائك حرفياً لا يستطيعون كتابة أسمائهم باللغة الإنجليزية مثلاً بسبب عدم كفائة الأستاذ الذي يقوم بالتلقين والتلقين فقط ولا يهتم بتنمية المهارات الفكرية والعقلية للطلاب ، وعلى الصعيد الأخر عدم كفائة المناهج من الأساس التي تعمل على  حصر القدرات العقلية الخاصة بالطلاب الغير مناسبة لهم من الأساس.

أما بالنسبة للدراسة الجامعية فحدث ولا حرج ، عن نفسي رأيت طُلاباً جامعيين لا يعرفون كتابة إسمهم باللغة الإنجليزية ، ولا يمتلكون بالأساس أقل المتطلبات اللازمة للدراسة الجامعية ، وبالطبع كل هذا بسبب المحسوبيات والفساد الذي طالع قطاع التعليم في الوطن العربي بشكل غير مألوف.

حتى أساتذة الجامعات اللذين من المُفترض أن يكونوا من الأشخاص أصحاب التعليم العالي المُميزين وذوي الأخلاق العالية نجدهم يحاولون قتل كُل أفكار إبداعية تخرج من أي طلاب لأسباب تافهه جداً لا تتوافق مع مزاجية هؤلاء الأساتذة ناهيك أيضاً عن المناهج الجامعية القديمة والتي أكل الدهرُ عليها وشرب حيث أنه للأن في العديد من الجامعات التي تُدرس تكنولوجيا المعلومات في جميع تخصُصاتها ، نرى أن الإمتحانات الخاصة بلغات البرمجة تتم من خلال الورقة والقلم وهذا ما شاهدته هنا في العديد من الجامعات في المملكة الأردنية الهاشمية ، وكذلك في بعض الدول الأٌخرى مثل مصر والسعودية ، والمُشكلة الأكبر أنهُ عندما تقوم بِمُراجعة الأشخاص المسؤولين عن الإمتحانات والأساتذة المسؤولين عنها وتُناقشهم بذلك يقولون لك "الإمتحانات الورقية أفضل .. نحنُ درسنا الموضوع ونحنُ كأساتذة جامعيين لا نُخطئ !! " وهذا حصل معي شخصياً :) 

بالطبع أن ليس جميع المدارس وجميع الجامعات وجميع الأساتذة سيئين ، نحنُ هنا نتكلم عن الأغلبية الساحقة التي شاهدتُها وحدثوني عنها في العديد من الدول العربية للأسف.

خُلاصة الكلام ، أرى أن التعليم بالوطن العربي يجب أن ينبُع من أشخاص لديهم الأمانة العلمية ولديهم المُقومات الصحيحة لبناء نظام تعليمي حقيقي يُحبب الأفراد بالتعليم ويُوضح ضرورة التعليم ويعمل على تنمية المهارات العقلية والفكرية والإبداعية للأفراد ، بالطبع هذا يحتاج لجهد وتمويل عملاق ولكن هذا ما يجب أن يحدُث بالفعل لدى العديد من الدول ، من الأفضل أن نقوم بالإهتمام والتركيز على الجانب التعليمي وصرف الأموال بشكل كبير جداً عليه ، لأنهُ بالنهاية إستثمار مُربح جداً تُنشئ من خلاله الأجيال الحقيقية القادرة على خلق التغير في المجتمعات العربية والواقع العربي الأسود الذي نعيشُه حالياً ، وفي حال كان الأمر ميؤوس منه كما في العديد من بُلدان المنطقة ، إبدأ بنفسك وتعلم بنفسك ونمي مهاراتك بنفسك ، فنحنُ هو الجيل الذي سوف يعمل على إصلاح الخراب الموجود في عالمنا العربي وإعادة الأُمة العربية إلى مصاف الدول المتقدمة بإذن الله.