يختلف المسلمون فيما بينهم حول الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف، فمنهم من يقول بحرمته، وهم السلفية الوهابية، ومنهم من يقول بجوازه أو باستحبابه كالمتصوفة. ولعلنا نذهب إلى موافقة الفريقين، لكن لا بحسب ما يرونه. وذلك أن الفرح برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ينبغي أن يكون مع الأنفاس لمن علم قدره. وهذا لا يُحتاج معه إلى تذكير سنوي كما هو جلي. أما الضعفاء الذين يغفلون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأيامَ والأسابيع والشهور، فيُستحب لهم إقامة احتفال سنوي يذكرون فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يؤجرون عليه إن شاء الله، ويجدون بركته يوم لا ينفع نسب إلا نسبه صلى الله عليه وآله وسلم.
وإذا كان الأمر على ما ذكرنا، فلينظر المرء إلى نفسه وإلى أي الفريقين ينتمي، فإن كان ممن لا يغيبون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلا عليه أن لا يحتفل بعيد المولد، على أن لا ينكر على من هم دونه؛ وإن كان من الغافلين فليلزم الاحتفال، على أن لا ينكر على من هو فوقه. فإن كان من المحتفلين، فليراع أثناء احتفاله أن لا يقترف ما قد يغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من اختلاط وقول منكر، وغير ذلك مما هو معلوم من الشرع؛ لأن ذلك يناقض أصل الفرح برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه. ومن يفعل، فكأنما يَشهد على نفسه بالكذب، ويُشهد الناس بعد ذلك. أما الاشتغال بإيراد الأقوال المختلفة لفقهاء كل طائفة، كلما دنا موعد المناسبة السعيدة، فهو مما يُشغل به إبليس الناس ليصرفهم عن معنى الفرح برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد يبلغ بهم إلى درجة الوقيعة فيه صلى الله عليه وآله وسلم، بدعوى وقاية الناس من الشرك، كما سمعناه من كثيرين.
وما يعلم المساكين أي ضرر يصيبهم إن نجا الناس بحسب زعمهم، وخسروا رابطتهم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! فلتحرص أخي المسلم على نفسك، ولتتثبت من أمرك، ولا يغرنك قول فقيه ليس فقهه مبنياً على محبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه، واستفت قلبك حين يفتيك المفتون.
( يُنشر هذا المقال بعد دخول اعتصام الشيخ حفظه الله ــ رفقة أفراد أسرته ــ سنته الثانية، بسبب اضطهاد الحكومة وأجهزتها الذي ما زال مستمرا إلى الآن..)