في آخر أيام الأسبوع. أغلق المعلم كراسة الحروف وتركها على الطاولة في الصف بعد أن غادره التلميذ. وحينما خرج المعلم وأغلق الباب خلفه، نادى حرف الياء: يا رفاق هل من مجيب؟
يارفاق إلى متى ونحن يكتبنا البشر، ويختاروا لنا الكلمات؟
يا رفاق لنتحد ونعلن العصيان، فلا كلمات غير ما نختاره نحن! لنمحو الكلمات التي لا نريد! فنحن من بنينا هذه اللغة، ونحن من نحكمها!
خرجت الحروف من الكراسة ووقفت أمام المنادي. وبعد وقتٍ من الضجيج بدأ كل حرف يشكو للياء حاله!
قال الألف: أنا مللت الوقوف، أريد أن اتوسد الهمزة وأنام.
قال الباء: بدايةٌ ونقطة بعيدة ! أريد أن أكون نهاية حاملًا نقطتي داخلي.
قال التاء: تينٌ وزيتون، متى أنمو وأكون شجرة؟
قال الثاء: ثلاثة حُراس! متى سيرحلون؟
قال الجيم: جرسٌ وجواب. أريد أن أكون يدًا وسؤال!
قال الحاء: حياةٌ وحيدة! لا نقطة ولا همزة!
قال الخاء: أريد أن أكون حلًا لا خُدعة! أريد أن أكون حقيقةً لا خيالاً!
قال الدال: دليلٌ دليل، من يدُلني أنا!
قال الذاء: ذَرات. متى تتحد وتكون كوكب؟
قال الراء: رأيت ولم أسمع!
قال الزاي: زدت ولَم أنقص!
قال السين: سيفٌ وسكين، ما هذا العنف؟
قال الشين: مجرد شيئ!
قال الصاد: صيدٌ سهلٌ أنا!
قال الضاد: ضمائرهم كلها معي!
قال العين: عينٌ وعدل، أريد أن أكون قاضي!
قال الغين؛ غزالةٌ سريعة، متى تستريح؟
قال الفاء؛ فمٌ يمضغ الحروف دائمًا! أشعر بالتخمة!
قال القاف: قولٌ دون فعل!
قال الكاف: كنت رفضهم بـ "كلا"، أريد أن أكون القبول!
قال الميم: من يسأل عني؟
قال النون: مللت النوم أريد أن اسهر!
قال الهاء: تعبت من الإشارة!
قال الواو : إلى متى وأن أمد جسور الوصال ولا يصلني أحد!
قال الياء: يا رفاق لنأخذ من الميم الممحاة، ونمحو من الكلمات ما لا نريد ونترك ما نريد. ثم نمحو الممحاة أيضًا حتى لا يمحونا أحد!
مرت الممحاة على كل حرف!
تمدد حرف الألف واختفت الأنا، وجفت الأنهار!
ومسح حرف الباء البدايات، و وضع النقطة في جيبه!
أما حرف التاء فقد مسح الثمار الصغيرة، ولبس التاج.
اخلص حرف الثاء من النقاط التي كانت تحرسه وأصبح حرًا!
الجيم أختار أن يحذف الجرس والجواب!
أخذ الحاء نقط الثاء الثلاث، وضع واحدة فوق رأسه واثنتين في بطنه!
والخاء لم يعد خدعة ولا خيال!
والدال تخلى عن مسؤوليته ولم يعد دليلًا!
أما الذاء فقد مسح الذرة وترك الذات!
والراء مل الرؤية ومسح كلمة رأى!
والزاي حدد الزائد من الكلمات ومحاه!
والسين إختار السلم وحذف السكاكين والسيوف!
والشين لم يعد شيئًا !
ترك الصاد الصيد وصلى!
محى الضاد الضمير والضمائر!
اصبح العين قاضيًا ومحى العيوب!
والغين غنى واستراح!
وكمم الفاء الأفواه!
وقضى القاف على الأقوال!
والكاف واللام اتفقوا أن لا رفض بعد اليوم!
وضيق الميم المدى!
وقرر النون أن لا نوم بعد اليوم!
حذف الهاء ضمائر الإشارة!
وقرر الواو أن لا يربط بين أحد!
وحذف الياء حرف النداء حتى لا يُنادى أحد!
أما أهل المدينة فلقد استيقظوا فاقدين أنفسهم!