"ڤيلا الأجنحة"، كان هذا الاسم الجميل لمشروع سكني نفذته شركة "نجود آنتيروز"، والتي تديرها المهندسة المعمارية المبدعة نجود مدو.
الڤيلا مساحتها متوسطة، ربّ الأسرة يعمل في تجارة الطيور الجارحة، ويريد أن يخصص مكان للطيور في سور منزله. أما ربة الأسرة فهي أم ترغب بمساحة لعب مميزة لطفلها الذي يعشق الكرة، ومختصة في مجال التغذية وتقدم دورات عن الغذاء في منزلها، بالإضافة إلى أنها سيدة تحب إستقبال الضيوف في منزلها وإقامة الولائم والحفلات داخله.
كيف ستجمع كل هذا الرغبات والإهتمامات في مسكن واحد مساحته متوسطة. كيف ستجعل كل فرد في المنزل يحلق بحرية. الحل البديع كان أن تخلق لبيتك أجنحة!
بدلًا من إخفاء الطيور في سور المنزل، أصبحت الطيور تحلق في منزل زجاجي يمتد من أرض الڤيلا حتى أعلى سقف فيها. هذا المنزل الزجاجي يستقبل الضيوف ويراه أفراد العائلة دائمًا!
أما الأم فكان سرداب منزلها يشبه قلبها، مكان واحد يصبح ملعبًا لطفلها، وصالة دراسية لطلابها، ومكان للحفلات الصاخبة والهادئة أيضًا. وصالة أعراس فخمة! كل هذا تحقق بتنسيق الإضاءة وإستخدام الغرف الجانبية للتخزين!
لن اتحدث هنا عن مدى جمال الفكرة، لأن هذا الجمال يتحدث عن نفسه.
أريد أن أتحدث عن أشياء أُخرى!
عن المسافة بين ما نُظهره وما نُخفيه!
حينما تُحدد ما تريده وترغب بأن تُظهره، سيظهر، وبشكل جميل أيضًا، تمامًا كما تحلق هذه الطيور في ڤيلا الأجنحة.
حينما تعرف أدوارك، وتُحبها. ستظهر بشكل جميل دون أن يطغى دورًا على الآخر، تمامًا كسرداب هذه السيدة.
فهم النفس وترتيب صناديق الدواخل، مع تقدير الظروف وتقبل الأشياء التي لا يمكن تغيرها. تخلق شئ جميل وفريد، شئ يشبه صاحبه.
لا تخجل من شئ لا تستطيع تغيريه. فكر مثلًا كم شخصًا يخجل من إستقبال ضيف لأن المنزل ضيق! اتذكر هنا كلمات سمعتها كثيرًا بين أفراد عائلتي التي كانت منازل أجدادهم خيام في الصحراء الواسعة.
مثل: "الضيق بالقبر"
وإلا "البيوت ما تضيق إلا من صدور أصحابها".
المعنى هُنا برأيي أن البيت لا يكون ضيقًا إلا إذا كان ساكنه ميتًا، أو كان صاحبه "ضيق الصدر". عدا ذلك فهي رحبة ما دام صاحبه "وسيع صدر، طلق حجاج".
لا تُجمل الخارج وتترك الداخل مكركبًا. لا تقدم لنفسك أسوء الخيارات وللآخرين أجملها. هُنا أتذكر جملة أمي التي تقولها لي حينما أرتب ظاهر الغرفة، بينما الدواليب متكدسة، أو حينما أجمع ما أكنسه تحت السجاد. كانت تقول "خلاخل والبلا من داخل" بمعنى إن البنت جملت خارجها بالخلاخل، وتركت الداخل ممتلئ "بالبلاوي". وأنا صغيرة كنت أتخيلها بنت لم تستحم وتلبس خلاخل لها صوت. بعدما كبرت أتخيلها بنت تسعى بأن تبدو على ما يرام دون أن تكون على ما يرام فعلًا. بنت المهم عندها أن لا يتضح الألم، أو الخوف، أو الضعف، أو الذنب دون أن تتخلص منه فعلًا. بنت تشبه البيت الذي تزيت صالات ضيوفه بثريات كبيرة بينما غرف أصحابها مظلمة.
لا تبخل على نفسك بما هو جميل. استمتع بكل جميل تملكه، لا تنتظر أن يأتيك شخصًا آخر حتى تتجمل.تجمل لنفسك أولًا وأخيرًا أيضًا. لا تحرمي طفلك من اللعب في المنزل حتى لا يكسر شيئًا، ولا تحرمي طفلتك من إرتداء فستانها الجديد في البيت حتى لا يتسخ الفستان. لا تخشي على التحف والفستان من الإتساخ أو الكسر، فالروح أولى بأن تُحرس وتبتهج!
لا تجاري الناس بشيئ لا يعجبك ولا يشبهك، خجلًا منهم. لا تخجل من أصولك، من نشأتك، من ذكرياتك. افتح هذا الصندوق تصالح مع محتوياته، ابحث عن الجميل فيه وتجمل به. وتأمل القبيح ثم تخلص منه ما استطعت لذلك سبيلا، وإن لم تستطع فتصالح معه. لا تخشى الندوب أو الخدوش. انفض الغبار ورتب المكان هذه حياة وليست صالة عرض.
اعرف نفسك، وما الذي تحبه، وما هي أدوارك، وظروفك، وقدراتك، وأ صولك، ومعتقداتك، رتب هذا كله ثم أخلق لحياتك أجنحة كما فعلت نجود بهذه الڤيلا!
فكر دائمًا بالمسافة بين ما تُظهره وما تخفيه، وصدقني كلما كانت المسافة أقصر كلما تطمنت أكثر.