في فترة الكورونا ڤايروس والتباعد الاجتماعي زاد الإقبال على إستخدام البث المباشر لمنصات التواصل الاجتماعي وعلى رأس المنصات كان الإنستغرام. فتجد من يتحدث عن الصحة وعن الموضة وعن الأحداث وعن الغذاء وغيره. في الحقيقة لم يشدني أي بث من هذا كله إلا بث واحد كان بعنوان "خنسولف" مع دانة مدو. كان البث من إنستغرام دانة، وفكرته أن تلتقي دانة مع أحد أصدقائها الحقيقين ويسولفون ببساطة وصدق. وبالرغم من بساطة الفكرة فقد كان البث ممتع جدًا وعميق للغاية لأن كل شخص يأتي ومعه نظرته الخاصة للحياة النظرة التي تتسم بالعمق والصدق. تحدثت دانة مع أصدقائها وصديقاتها عن النفس، وعن الأمومة، وعن الحرية، وعن المقاومة، وعن السعادة، وعن قصص الطفولة أيضًا. ضحكوا ودمعت عيونهم وضحكت معهم ودمعت عيني أيضًا. كان هذا البث الأقرب إلى قلبي لأن هذا ما نحتاجه في فترة التباعد نريد فقط أن نلتقي بالأصدقاء و "نسولف" فقط، كنت أحضر البث و "أسولف" معهم.
كانت اسئلة دانة واصدقائها عميقة، والأجوبة حقيقية. ادهشني هذا الفهم الجميل للذات وهذا التفرد. خرجت من صالة دانة أحمل معي اسئلة كثيرة، اسئلة اوجهها لنفسي واسولف معها. والنتيجة مذهلة! صدقني مجرد أن تحمل معول السؤال وتدخل عقلك ستُذهل!
السؤال الأول كان من أسرار الأنصاري والموجه لدانة "منو دانة؟ وايش الأشياء اللي خلت دانة دانة؟"
تخيلت لو أن أسرار وجهت هذا السؤال لي، ماذا ستكون إجابتي؟
حقيقة كنت منقطعة لفترة طويلة عن الكتابة، وكان هذا البث مثابة عصف ذهني لي. ومن هنا أتت هذه الإجابة. الإجابة على "منو نوف؟"
منو أنا؟
من أكون؟
أكثر سؤال يتردد في خاطري دائمًا وفي كل مرحلة من حياتي تكون لدي إجابة مختلفة.
أذكر حينما كنت صغيرة، كنت إذا طرقت الباب أو اتصلت على أحد بالهاتف، وسأل الشخص الذي يسمع صوتي ولا يراني.."مين؟"، أرد بسرعة "أنا!"
لا أستخدم اسمي .. فأقول "أنا نوف.."
ولا أشير إلى علاقتي بأحد فأقول مثلًا "بنت جيرانكم نوف"
أنا فقط!
ضمير واحد فقط، يشير إلى ويستخدم صوتي، للإجابة على (مين؟)
مع مرور الوقت أدركت أن هذا الضمير هو الإجابة الأبلغ والأشمل ... أنا أكون أنا!
أنا التي تكونت دون أن يكون لي يدٍ في بداية تكويني، وأحاول أن تكون لي يد في نهاية تكوني.
أنا مجموعة أيام، وكل يوم يمر يترك أثره ويمضي، فينمو جسدي ويتغير. أنا مجموعة أيام بظروفها وأحداثها وأُناسها تشكل ذكريات، وأفكار، ومعتقدات، وصور لي وعني.
مجموعة أيام تصنعي لأصنعها.
أنا تجاربي التي مررت بها، قراراتي التي اتخذتها، أدواري التي أؤديها، مشاعري التي أشعر بها، علاقاتي التي كونتها فكونت جزءًا من هذه "الأنا"!
أنا مجموعة النسخ التي كنتها، جميع هذه النسخ بأخطائها وتعديلاتها، وإن كنت اليوم نسخة جديدة، فهذه النسخة لا تبدأ بكتاب جديد، وقد تكون صفحة جديدة لكن هي صفحة واحدة من مجموعة صفحات متصلة ببعضها، صفحة مرتبطة بالقديم الذي لا يُمحى والجديد الذي لم يتكون بعد.
أنا مجموعة صور لا متناهية، صوري التي في عيني وصوري في عيون المحبين، وصوري في عيون المبغضين، وصوري في عيون الغير مهتمين، وصوري في عيون المارة.
أفكر بهذه الصور دائمًا، واتمنى ان أرى صورة لهذه الأنا، وأشير عليها بثقة وأجزم هذه أنا، تمامًا كثقتي عندما أشير لصورة فوتغرافية لي!
أنا مجموعة محاولات، محاولات بأن أكون أنا كما أريد أنا! محاولات تأخذني لسؤال آخر "ماذا أريد؟ أو بمعنى أدق ماذا أريد أن أكون؟"
أنا التي كانت ترد على سؤال "مين؟" بـ "أنا".. كبرت ومررت بمحطات كثيرة وفي كل محطة كنت استخدم تعريف مختلف. بدايةً بالاسم، مرورًا بعلاقاتي بمن أظنه معروفًا في محيطي، ثم استخدمت شهادتي وتحصيلي العلمي، ثم أدواري بالحياة وأخيرًا عدت للتعريف الذي كان يبدو سهلًا وبسيطًا .. مين أنتي؟ أنا أنا!
وبمناسبة الأنا ...أحب أقول لكم إن أبلغ وأصدق جملتين انكتبوا في الحب والغزل بالنسبة لي همًا ....
"كنتِ أنتِ.. وأنتِ لما تكوني أنتِ ما هو عادي" اللي غناها محمد عبده ❤️🎵
وجملة من قصيدة لشاعر لا أذكر اسمه لكن أذكر انها قصيدة مترجمة يقول ...
"حينما تشرق الشمس يا حبيبتي تبدين كما خلقك الله"
فقط كما خلقك الله!
كانت جلسة حلوة يا دانة وَيَا أسرار، كثر الله خيركم وعسى بيوتكم وقلوبكم عامرة بالهناء والرضا وراحة البال ❤️✨