نسيت أن أخُط بقلمي حينًا من الدهر، فهجرني الحديث والشُعور، حالة من التساوي الصفري لكل شيئ، شيئ من الفراغ، وإن أسوأ شعور على الأرض الفراغ القلبي من كل شيئ من الدنيا، أن تنظر في وجوه المغادرين لحياتك فتلوح لهم، وأن ترى الذي بغوا يتمتعون مطمأنين، وأنت تنظر بصمت عقلك يحاول يستوعب كل شيئ ويفشل فلاتملك إلاتفويض القوي عنك، وتقرر أن تدوس على طريقٍ جديدٍ، طريق أهوج مُمتليء عن آخره بالأشواك ممزوجاً بالوحدة، وتردد على نفسك قد تكون الأتراح والجراح آخرها أفراح، ولعل تلك الأشواك ذنوب تقود إلى أشواق، وقد يكون في الأذى راحة، والمعروف لم يكن ليأتي إلا عبر العبرات التي في سود الليالي، ربما لم تكُ تعرف قدماي ذلك الطريق الذي على أوله شرط الفقر والصدق والصبر إلا بذلك الحزن العارم، ذلك الطريق لا يحتاج إلّاشعور صادق و سعي دؤوب ، وإن أعظم الرحلات تلك التي تخوضها وحدك، فلايخدعك رفيق ولاتنسى نفسك في خضم سعيك، الطريق الذي تسير لله فيه لا لهم فإن رأيتهم يبتعدون فأنت تعرف طريقك فلا تعبأ، وحتى إن كنت تعلم أنه سيقال لك ماليس فيك، وترى أناس منك وماهم منك، وأناس يطلبون الفتن لكنك تكمل لترى النور، ثم يوم العرض تتمايز الصفوف وتنكشف الحقائق ومنهم الذي سينادي ألم نكن معاكم؟ ومن خدع يخدع، ومن فتن نفسه يفتن، وهنا تدرك النفس قيمة السير وحيدة، حتى يكتب لها الإخلاص
فذلك الذي يؤلمك اليوم، غدًا تعرف قيمته، وذلك الذي أبكاك اليوم لايضيع، فسبحان الذي يأتيكَ بالألم لتشفى فكان أرحمُ بِك من نفسك فخفف عليك ألمًا سرمديًّا فأعقبكَ بألمٍ زائل فياليتك فهمت بدلًا من ضجرك