⁃هناك مبادىء ثلاث للتعامل مع الآخرين، استقيتها من كتاب [ كيف تؤثر على الآخرين و تكتسب الأصدقاء ] للرائع ديل كارنيجي. و ارتيت أن أشارككم إياها. و أسميتها « مثلث التعامل مع الآخرين » أذكرها تباعاً مبدأٌ يتلوه مبدأ.
⁃(المبدأ الأول): لا تنتقد أو تتهم أو تَشْكُ. يقول "هانز سيلي" أحد كبار علماء النفس: « المرء يخاف من النقد بنفس مقدار تعطشه للمدح »
⁃و النقد أمرٌ لا فائدة منه. حيث أنه يضع الشخص في موقف المدافع و يجعله عادة يبحث له عن مبرر. كما أنه يجرح كبرياء من تنتقده و يدفعه ذلك للنفور منك.
⁃أثبت عالم النفس الشهير "بي. في سيكنر" من خلال تجاربه: أن الحيوان الذي يكأفا على سلوكه الجيد يتعلم بسرعة أكبر ، و يستمر على ما تعلمه بشكل أكثر فاعلية من الحيوان الذي يعاقب على سلوكه السيئ ، و قد أوضحت الدراسات التي أتت فيما بعدها أن نفس الأمر ينطبق على الإنسان ، فالنقد لا يؤدى دائماً إلى التغيير ، كما أنه غالباً ما يُثير الاستياء.
⁃و كما يقول ديل كارنيجي في كتابه: "لتدرك أن الانتقادات مثل الحمام الزاجل تعود أدراجها مرة أخرى. إن الشخص الذي سنقوم بانتقاده غالباً ما سيوجد لنفسه مبررات لانتقادنا في المقابل"
⁃علينا إذن بدلاً من أن ندين الآخرين أن نحاول أن نفهمهم. و كما يقول د.جونسون: « إن الله تعالى ، يا سيدي ، لا يحاسب الإنسان إلا بعد نهاية حياته »
⁃( المبدأ الثاني ): امنح الآخرين تقديراً أميناً و صادقا.
⁃انتهينا من المبدأ الأول عزيزي القارىء و علينا إذن إن امتنعنا عن النقد الهادم أن نمنح التقدير البنّاء. و المدعَّم بالأمانة و الصدق.
⁃افتتح الرئيس الأمريكي "لينكولن" خطابًا بالقول: « الجميع يحب المدح ». و قد قال الفيلسوف "ويليام جيميز" : « إن القاعدة الأساسية في الطبيعة البشرية هي النزوع إلى التقدير »
⁃الجميع يحتاج إلى الشعور بالأهمية و هذا الشيء هو من الفوارق الفاصلة بين الإنسان و الحيوان. كيف يتأتىء إذن؟ بالتقدير الصادق و المدح الكريم. أعني هنا أن لا تتملق و إنما تقدِّر بصدق.
⁃ما الفرق بين التملق و التقدير؟ الأمر بسيط كما يقول كارنيجي: فأحدهما صادق و الآخر غير صادق ، و أحدهما يأتي من القلب، و الآخر يأتي من اللسان، و أحدهما يحبه الناس عامة و الآخر يدينه الناس عامة.
⁃و قد نُحت تحت تمثالٍ للبطل المكسيكي "الفارو أوبريجون" مقولة حكيمة ، و هي: « لا تخف من العدو الذي يهاجمك ، و لكن كن خائفًا من الأصدقاء الذين يتملقونك »
⁃جرِّب أن تقدر ما هو أمامك و أيًا يكن، شرط أن يكون مستحقاً للتقدير و أن يكون بصدق و أمانة.
⁃كن صادقاً في تقديرك ، و كريماً في مدحك دون أن تتملَّق. و ستجد من يكرمك بوابلٍ حبٌ و امتنان و جرَّاء التقدير الصادق الذي منحتهم إياه.
⁃و بعد أن انتهينا من المبدأين الأول و الثاني، ندلف ( للمبدأ الثالث ) ، ألا و هو: إثارة الرغبة عند الآخرين.
⁃سأل أحدهم "لويد جورج" رئيس وزراء بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى كيف استطاع أن يبقى في الحكم بعد أن ذهب غيره من قادة الحرب في طي النسيان؟ أجاب بأنه إذا كان هناك من سببٍ لبقائه في السلطة فهو معرفته بضرورة أن يضع في الخطاف طعماً يناسب السمك.
⁃يقول الكاتب "هاري أوفر ستريت": « إن أي تصرف إنما ينبع أساسًا من رغبتنا...و أفضل نصيحة يمكن توجيهها إلى شخص يرغب في إقناع غيره - سواء كان ذلك في العمل ، أو المنزل ، أو المدرسة ، أو السياسة - هي القيام بإثارة رغبة عارمة في الشخص الآخر. و من يستطع هذا ، فإن العالم كله سيسانده ، و من لا يستطع فإنه سيسير وحده في طريق موحش »
⁃إذن ماذا نفعل إذا أردنا إقناع شخصٍ ما بفعل شيء ما؟ بحسب ديل كارنيجي، عليك أن تسأل نفسك هذا السؤال: « كيف يمكنني أن أجعل هذا الشخص يريد هذا الشيء؟ »
⁃أن تقنع شخصاً يعني ذلك أن تُرِّغبه فيما تريده بأي طريقة كانت.
⁃و أختم بمقولة لهنري فورد حيث يقول: « لو كان هناك سرٌ للنجاح ، فإنه يكمن في القدرة على فهم وجهة نظر الآخر ، و رؤية الأشياء من منظوره ، إضافة إلى رؤيتها من منظورك أنت »
⁃للإستزادة: قراءة كتاب« كيف تؤثر على الآخرين و تكتسب الأصدقاء »