" الحب يأتي كما يأتي اللص ، يأتي على حين غفلة ، دون ان يكون له أي أثر في حياتنا اليومية التي لايجري عليها أي تعديل . فحين نحب تتجاذبنا الكثير من المشاعر والأحاسيس المتناقضة والمختلفة ، هذه المشاعر التي تتغلغل هي الحب المعروف للناس ، حب يحاول الواحد من خلاله ان يستولي على الآخر ، الحب المعروف للناس يتكون من الغيرة ، ومن الرغبة في التملك ، هذا الحب كالحرب تماما يخلق ضحيته ، واحد يحب وآخر يتألم".( فراسوا ساغان)
فهل هناك فرق بين الإمساك بيد من تحب وبين التكبيل؟! علينا أن نتعلم أن حتى أشعة الشمس تحرق إذا بالغت فى الإقتراب منها. فالعلاقة بين الرجل والمرأة... بين الزوج وزوجته ... هى قضية ان يحنو الكل على جزئه، وأن يحتمى البعض بكله. لم تكن القضية من يلغى من، أو من يسيطر على من. فقد فطر الله المرأة لتعيش فى كنف الرجل. وفطر الرجل أن يحب رقتها ويستعذب لجؤها إليه.
الحب العادى يمكن أن يكون الحب بين كثير من الناس ليس شرط ان يكون بين رجل وامرأة يعشق بعضهما وأنما يمكن أن يحب شخص زميله فى العمل ويمكن أن تحب سيده جارتها ولكن هذا لايعنى أننا نمتلك من نحب فنمنعهم من الاختلاط والتحدث ومعامله أخرين غيرنا وهذا مايحدث فى حب التملك. الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب أصدقائه وأصحابه حباَ جما فقد كان احب الناس اليه ابو بكر الصديق وهو من أعز أصحابه .وكان يحب أيضاَ عثمان بن عفان وعلى بن ابى طالب وكثير من الصحابه. لذلك وصى صلى الله عليه وسلم - : ( لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم : أفشوا السلام بينكموهنا نجد ربط).
أما التملك.. يعني حب حيازة الشيء (أو الشخص) وجعله في تصرفه وسيطرته باستقلال تام وعدم مشاركة غيره فيه، وأن يكون خاصاً خصوصية كاملة، فلا يعتمد على الحب العاطفي بل على حب امتلاكه وعدم القبول بأنه يمكن أن يكون للغير. حب التملك غريزة بشرية أيضاً، تنشأ عند ازدياد الانسجام العاطفي بين الأشخاص عن الحد المألوف ليتحول الإنسان على مسخ بشري مريض همّه إشباع غرائزه على حساب الآخرين دون أدنى مراعاة لمشاعرهم وعواطفهم.
وكان وما زال الحب معضلة الفلاسفة فهل "يمنح الحياة معنى أم هروبا من الوحدة والمعاناة"؟ فأفلاطون في كتابه "Symposium" يحكي عن حفلة عشاء، يقوم فيها "أرسطوفانيس" وهو كاتب مسرحي ساخر، بتسلية ضيوفه من خلال القصة التالية: كان البشر فيما مضى مخلوقات ذات أربعة أذرع وأربعة أرجل ووجهين. وذات يوم أغضبوا الآلهة، فشطر "زيوس" كل واحد منهم إلى إثنين.ومنذ ذلك الحين، فقد كل شخص نصفه أو نصفها الآخر. فالحب هو التوق لإيجاد النصف الآخر الذي سيجعلنا نشعر بالاكتمال مرة أخرى. أوعلى الأقل في اعتقاد أفلاطون أن هذا ما قد يقوله كوميدي ثمل في حفلة.
وفقًا للفيلسوف الإنجليزي الحائز على جائزة نوبل "برتراند راسل"فهو يرى أن الخوف من العالم البائس والقاسي يدفعنا لبناء قشرة صلبة. لحماية وعزل أنفسنا. وتساعدنا بهجة وحميمية ودفء الحب على التغلب على خوفنا من العالم. ونهرب من عزلتنا. ونُقبل على الحياة. ويُثري الحب كياننا مما يجعله أفضل ما في الوجود.
ويرى الأدباء أن الحب الرومانسي، جميل ومسكر، محزن ومحطم للروح. وفي معظم الأحيان يكون كل ذلك في نفس الوقت. وهذا ما أعتقده أحد الأدباء العرب الأديب المصرى إحسان عبد القدوس :" الحب هو العذر الوحيد الشريف للعبودية إن الإنسان يحب وطنه فيصبح عبداً له ويؤمن بمبدأ فيصبح عبداً له ،ويحب أمه فيصبح عبداً لها، ويحب صديقه فيصبح عبده ولكن العبودية التي ليس لها عذر هي أن تتزوجي رجلاً لا تحبيه أو تعملي عملاً لا تؤمنين به.."
ولكنى أرى أنه ظلم الحب وأساء للمحبين. فللحب طاقة وللكره طاقة وللغضب طاقة ولكن اكبر وانقى طاقة التى يرق معها القلب هى طاقة الحب ,طاقة الحب تمنع وصول أى طاقة اخرى إليك أو تؤثر فيك. لكنه كان محق فى إحدى رواياته حين أظهر أن بين الحب وغريزة التملك خيط رفيع،رفيع جداً. ذا ما تبينته تكشف لك الفارق الكبير.
فاللغويون عرفوا الحب بأنه كلمة من حرفين، (الحاء) حرف يخرج من الحلق وهي نهاية مخارج الحروف و(الباء) وهو يخرج من الشفاه وهي بداية مخارج الحروف، وكأن الحب هو نهاية كل الأشياء الذميمة (الكذب، الخداع، الغش، التملك، الكره، الأنانية، الظلم، الحقد والحسد) وبداية تبلور الخصال الحميدة (الصدق، التضحية، التواضع، الرضا، القناعة، العدل وطلب الحلال). أما علمياً فقد عُرّف الحب بأنه عبارة عن ظاهرة كيميائية تنشأ داخلنا، فنحن نحب لأن أجسامنا تفرز مواداً كيميائية تدفعنا تجاه شخص معين دون سواه. وهكذا فإن الحب هو غريزة أساسية هامة لدينا.
ولنلقى نظرة على ما صوره لنا أدباء الغرب عن الحب والفرق بينه وبين حب التملك. كان بول إيلوار المولود عام 1895 ، والذي رحل عن العالم في نهاية عام 1952 ، عاش أشهر اسطورة حب في القرن العشرين مع حبيبته الروسية غالا. وأعترف لها برسالة بانه ما كان ليكتب ما كتب لولاها: " أنتِ التي أمليتِ عليّ كل قصائدي" . وهام بها عشقاً ،فاعترف لصديقه اراغون من أنه لايعتد بكل النقد ما لم يكن من غالا . يكتب لها :" أن أراك ، أن ألمسك ، أن أتاملك ، أن أمدحك ، أن اقبلك ، ان أتحدث إليك .أن أُحبك وحدك ، وفي كل النساء ، لا أرى غيرك ، ياصغيرتي غالا أحبك بلا حد . لا أؤمن بالحياة ، لا أؤمن إلا بك .هذا العالم لا استطيع أن أدخله إلا برفقتك".
وأستمر حبهما حتى أخر لحظة في حياة إيلوار ، وقد يبدو غريباً في هذه العلاقة أن نرى غالا ترتبط بعلاقة مع شخص آخر هو الرسام سالفادور دالي. وظهر هذا الحب في العديد من لوحاته إلى درجة أنه كان يوقع على بعض لوحاته باسمه واسم غالا معاً. وحين تقرر غالا الانفصال من إيلوار والالتحاق بسلفادور دالي تكتب الى إيلوار : يازوجي مدى الدهر ، حتى وان خف حبك لي ، فانك ستبقى معي الى الابد".
وفي عام 1952 وقبل وفاته باشهر يكتب إيلوار اشهر قصائده ويهديها الى غالا : أحبّك
لأجل كل النساء اللواتي لم أعرفهن أحبك
لأجل كل الأزمنة التي لم أعشها أحبك
لأجل رائحة البحر الواسع ومذاق الخبز الساخن
لأجل الثلج الذي يذوب لأجل الزهور الأولى
لأجل الحيوانات الطاهرة التي لا يفزعها الإنسان
أحبك لأجل الحب
وفى تجربة عاطفية أخرى تعترف "فراسوا ساغان" بأنها عاشت حياة عاطفية مضطربة وهي تقول في حوار صحفي : ''الحب.. مثل المال لابد من صرفه''، والحب المفرط للحياة تسبب لها في خيبات عاطفية كثيرة خرجت منها متألمة مجروحة.. مهزومة ومع ذلك فهي لم تستسلم وأصرت على التأكيد بانها تعلمت ''ان تركب الفشل. لتسير فوقه في اتجاه السعادة'' مؤكدة: ''انها عاشت الحياة اكثر مما كتبتها'' مضيفة ''أن العذاب والألم والشقاء لا تعلمنا شيئاً.. ولذلك ارتميت في أحضان الحب .. حتى ولو كان وهماً''.
هل يمكن إرسال طاقة الحب للحبيب؟ هل يمكم أن تشعر به فى غرفتك رغم أن بالفعل ليس موجود؟ نعم فالعلاقة بين الحب والتخاطر علاقة وثيقة، ولكن إذا ما توافرت بعض الشروط والظروف :
1- عليك أولاً أن تكون صادقاً مع نفسك بأنك سترسل طاقة الحب.
2- الجلوس في مكان هاديء وعيناك مغلقتان.
3- فكر بكل ما تملك وكل حب فى الشخص الذى تريد ارسال الطاقة له.
4- تخيل أنك متواصل معه فكرياً وعاطفياً.
5- إبدأ بإرسال طاقة الحب للشخص الآخر بواسطة كلام حب.
6- تخيل أن كلام حب مرسل مع شعاع جميل ملوّن.
7- تخيل بأن كلماتك تدخل إلى عقل وقلب الشخص المرسل له الطاقة.
8- بعد أن تشعر بأن الطاقة التي أرسلتها وصلت للشخص يمكنك فتح عينيك.
وتؤكد العالمة الأمريكية "هيلين فيشر" في كتابها (تشريح الحب) بأنها كانت دائماً تؤمن بأن الحب هو عاطفة أساسية وغريزة أولية لدينا ، مثلها مثل غريزة الخوف والغضب والفرح .
وحتى لا يتسرب الحب من بين أيدينا يجب أن نجدد المشاعر بين الحين والأخر، ونجد حلاً فورياً لمشاكل الحياة اليومية.يجب أن نواجه مشاكلنا معاً. إعطاء مساحة من الحرية لكلا الطرفين للمناقشة والحوار. يجب عدم تدخل الاخرين فى حياة كلا منهما. يجب التحكم فى الغيرة المفرطة.
ولكن الحب الصادق لا يكتب على الورق ،ﻷن الورق قد يمحوه الزمان ،
ولايحفر على الحجر لأن الحجر قد ينكسر ، إنما
الحب يوصم في القلب وهكذا يبقى إلى الأبد.(جلال الدين الرومى). الحب مثل الزهرة تبحث دائما عمن يرويها ، ويجعلها تتنفس بكل حرية دائما اما اذا اهملت ذبلت واختنقت وماتت .