Image title
المسيحيه والأدب المصرى بقلم الأديب المصرى د/ طـــارق رضـــوان جمعة عقـــل


نشأت المسيحية عام 27 من جذور مشتركة مع اليهودية وتعرضت للاضطهاد من قبل الإمبراطورية الرومانية، لكنها أصبحت في عام 380 الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية، فشاركت بشكل معقد في السياسة الأوروبية ولا يزال تأثيرها السياسي راسخ حتى اليوم في العالم الغربي، وكانت تعاليم يسوع والوصايا العشرة مصدر الهام للقوانين الغربية وذات تأثير أخلاقي على الفكر الغربي، وشكلّت تعاليم يسوع والكتاب المقدس حجر أساس الحضارة الغربية، وتركت بصمة واضحة على الفلسفة الغربية. بعض من أمثال يسوع، مِثل مَثل السامري الصالح، تعد اليوم مصدرًا مهمًا لمفاهيم حقوق الإنسان . وكان أيضًا لتعاليم المسيحية ولاهوتها أثر على الزواج والحياة الجنسية، كذلك كان للمرأة نصيب من المسيحية حيث رفعت الكنيسة من قيمتها وزادت من تأثيرها على المجتمع، وكان لها دور بارز في تاريخ المسيحية، رفضت الكنيسة وأد الأطفال وحاربت ظاهرة العبودية. ورفضت الطلاق، وسفاح المحارم، والمثلية الجنسية وتعدد الزوجات، وتنظيم النسل والإجهاض والخيانة الزوجية.


ولا يتوقف تأثير المسيحية على الحضارة الغربية فقد لعب المسيحيون أيضًا دورًا بارزًا ورياديًا في تطوير معالم الحضارة الإسلامية والشرقية. ففي عهد الدولة العباسية نشط المسيحيون في الترجمة من اليونانية إلى السريانية ومن ثم للعربية، حيث كان معظم المترجمين في بيت الحكمة من المسيحيين، ونشطوا أيضًا بالطب والعلوم والرياضيات والفيزياء فإعتمد عليهم الخلفاء، كما وقاد المسيحيون النهضة العربية بصحفهم وجمعياتهم الأدبية والسياسية. وحتى اليوم لهم دور فعّال في العالم العربي والإسلامي في مختلف النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وكذلك الأمر في الشرق الاقصى والهند للمسيحية إرث عريق ولا يزال في كافة المجالات خاصًة في التعليم والرعاية الصحية.


المسيحيه فى مصر


يكون القبط في العصر الحاضر الأكثرية العددية بالنسبة إلي سكان مصر، وبالرغم من دخول أجناس كثيرة إلى مصر إلا أنها لم تؤثر في النسبة الإجمالية من عدد السكان إلا بحوالى 2% من الأجناس الواردة بفعل الفتوحات والهجرات المختلفة كما جاء في موسوعة شخصية مصر للدكتور جمال حمدان. على هذا الأساس يكون معظم القبط مسلمين ومسيحيين هم الأكثرية العددية في القطر المصري، بينما الأجناس الوافدة على مر التاريخ لم تؤثر في الجنس المصري إلا بالنذر اليسير. وهنا لابد من ملحوظة مهمة وهي أن كلمة "قبط" يجب أن تطلق على المصريين جميعا مسلمين ومسيحيين، وان استخدامها للإشارة فقط إلى المسيحيين هو استعمال خاطئ. وقد بدأ العلماء منتصف القرن التاسع عشر بدراسة القبط ونشر مورتون في فيلادلفيا عام 1844 كتابه المسمي الجنس المصري الأصيل، وقال فيه إن القبط خليط من الجنس القوقازي والجنس الزنجي وذلك بنسب مختلفة وهم سلالة مباشرة لقدماء المصريين.


الأدب القبطى والدينى


أخد العالم نواحي مختلفة من الأدب القبطي أهمها أقوال الآباء ثم خطب القديسين في كفاح الوثنية لتثبيت المسيحية، ثم السحر ثم الأدب الدنيوي أو الشعبي. فأما أقوال الآباء فهي الأقوال النسكية التي دعمت الرهبنة وبينت ناحيتيها النفسية والعملية. وقد وفد علي مصر من الشرق والغرب من دونوا هذه الأقوال وأثبتوها بلغاتهم اليونانية واللاتينية والسريانية وفتحت لهم هذه التعاليم المسيحية المحضة الطريق إلي الرهبنة فساروا علي هدايتها ونسجوا علي منوالها. فالرهبان القبط في عصورهم الأولي عرفوا بالتقوى والتواضع فكانوا يعملون ويعلمون وجاءت أقوالهم بلغات مختلفة في كتاب بستان الرهبان وكتب الآباء الحاذقون في العبادة وكذلك في سيرهم، وظهر في مصر من القديسين الأقباط من لم يعرف العالم أقوي منهم شكيمة في تثبيت المسيحية والكفاح ضد الوثنية.


الأدب الشعبي


ليس الأدب القبطي أدب ديني فحسب، بل إن الآثار الدينية الدنيوية في الأدب القبطي لاتقل روعة عن الآثار الدينية، فبالرغم من انصراف الأقباط عن تدوين الآداب القبطية في العصور الأولى لغلاءورق البردي إلا أنه تم العثور علي الكثير من الرسائل والوثائق القبطية عن الأدب القبطي الديني والشعبي. وازدهر الأدب القبطي في القرنين الرابع والخامس الميلادي، ولكن كان دخول المسلمين لمصر صدمة عنيفة للأدب القبطي إلا أنه صحا مرة أخرى في النصف الأخير من القرت السابع وفي القرن الثامن فقامت بين القبط نهضة أدبية كان لها الطابع الشعبي أكثر من الطابع الديني، وكان وقتئذ نظام الأديرة أقل صرامة بحيث اتيح للرهبان الاشتغال بشتي الحرف، فقد أصبحوا يقرأون الكتب الدنيوية في الأديرة وبخاصة أن الورق قد حل محل البردي وأصبح في متناول الجميع.


ومن أهم الأعمال الأدبية الشعبية القبطية قصة تيودوسيوس وديونسيوس التي ترجع إلى أوائل القرن الثامن، وكان بطلها صانع مصري بلغ منصب امبراطور اليونان. وقد نسي أخوه الذي كان صانع خشب مصري ثم يلقاه ثانية ويعينه رئيس لأساقفة العاصمة اليونانية. وأيضا من أشهر قصص الأدب القبطي رواية قمبيز وهي قصة أصلية باللغة القبطية تتضمن تاريخا خياليا لغزو مصر علي يد الملك قمبيز الذي كان ملك للفرس، وبالإضافة لهذه القصص تم العثور علي بعض الأجزاء من قصة الاسكندر الأكبر مترجمة إلى الصعيدية. وهناك آثار أدبية كثيرة منها أيضا القصيدة التي كتبت عن ارخليدس وأمه سنكليتكس. ويدل كل هذا علي ما للأقباط من أثر عميق في الأدب الشعبي
الأدب الكنسي
كذلك يعزي للقبط كتابة الأدب المعروف بالمريمي وهو الأدب الذي اختصت به العذراء مريم وذلك في أسلوب فريد يظهر فيه تأثير الأدب المصري القديم فكتبوا فيها المدائح والأناشيد.