١..٢..٣
واحد.. اثنان.. ثلاثة

١.. الرقم واحد رغم سهولته إلا إن جرأته تربكني!
يربكني تقدمه بهذه السهولة. يجر كل الأرقام وراءه. يقف بكل ثقة، ويقول: هذا أنا واحد، و وحيد، وأول أتيت بالوقت المناسب وكل من حاول أن يسبقني خسر!
والواحد في اللغة يجعلك تركز وتدقق بهذا الواحد أكثر، وتتعرف عليه أكثر، حتى تتحدث عنه بطريقة صحيحة وجيدة.
والأول يجعل الأول يلتفت كثيراً. يتخلى عن اشياء كثيرة حتى يقطع الشريط أولاً، ويقف على مربع الأول الذي يرتفع عن المربعين الثاني والثالث!

والأولى كانت تلاحقني لفترة. البنت الأولى للأسرة. الحفيدة الأولى لأسرتين. ولفترة كنت الأولى على الصف حتى بدأت أتراجع قليلاً. تراجعت لأن أن أكون الأولى يعني أنه يجب أكون الأفضل، أن أحمل ثياب المديح الثقيلة، وأن أكون كفؤ تماماً كما قالوا، وأن أكون مسؤولة عن حراسة ظنون الآخرين بي حتى لا تخيب، وأن لا أتهور، أو أصدم أحداً، أو أهز الصورة التي رسمها. الصورة التي لم تعجبني. الصورة التي أعجبتهم. صورة الأولى والأول!

٢ .. اثنان رقمي المفضل. الرقم الأكثر هدوءاً ودفئاً. كثيراً ما تمنيت لو نكتبه بشكل أفضل. هذا الإنكسار الذي أصنعه له بالقلم لا أشعر أنه يناسبه، وليس عندي أي فكرة عن الشكل الذي قد يناسبه. لكن أتمنى أن يكون شكلاً يناسب انسجام الأثنين أكثر. شكلاً يناسب هذا الإكتفاء العظيم بواحد عن الكثرة والجماعة.

دروس المثنى في قواعد رابع إبتدائي، كانت الأحب والأسهل والأفضل للطالبة القديمة. فرحتها بالمثنى وقواعده كانت تنافس فرحتها بعلبة الخياطة ومريلة الطبخ و الكتابة بالأقلام الحبر.
الطالبة التي كانت ثاني طفل في الأسرة. كان لديها أخت وحدة، وصديقة قريبة وحدة. كانت تستطيع بسهولة تكوين جملاً كثيرة بصيغة المثنى. نوف ومرام أُختان.
نوف ومرام تلعبان في الحديقة.
نوف ومرام تشاهدان التلفاز وقت الظهيرة.
.. نوف ومرام ...نوف ومرام ..
نوف و ثريا صديقتان.
نوف وثريا ترسمان زهرة جميلة.
..نوف وثريا.. نوف وثريا..
تكون جملاً كثيرة تناسب دائرتها الصغيرة، بواسطة لغة صغيرة تلتف حول الإثنين ولا تكسره بدسه بين الجماعة، تأخذه بأصابع المثنى بخفه وبقواعد بسيطة( ألف ونون عند الرفع، و يا ونون في محلات الإعراب الأخرى)، تشد على الاثنين اللذين بلا جماعة شريطة خفيفه وتتركهما بعيداً كما يحبان.