ماعاب رَسُول اللَّهِ ﷺ طعاماً قط: إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه.

‏ ⁧أعتقد- والله أعلم- أن عبارة(ماعاب) لاتقتصر على الطعام فقط؛ فلم يؤثر عنه صلى الله عليه وسلم أن عاب شيئا من خيارات البشر المباحة...

شكل اللباس، لونه، الهيئة... وغيرها من الخيارات من بين المباحات.

فالخيارات المباحة متاحة للجميع، ولولا اختلاف الأذواق لبارت السلع...

وللناس في أذواقهم مشارب، والله سبحانه وتعالى خلق البشر مختلفين في كل شيء تقريبا؛ في الأشكال والألوان والأجناس و الأذواق و الأفكار والمشاعر وفي كل شيء تقريبا بحيث يتعذر -إن لم يكن مستحيلا- أن يتفق اثنان في كل شيء أو أن يتفق جميع البشر في شيء واحد مهما كان حقا أو باطلا، فالله سبحانه وتعالى  جبلهم على ذلك، و ميزهم عن بقية مخلوقاته بالحرية الكاملة في خياراتهم - مع تحمل مسؤولية ذلك- لكنه لم يجبرهم على شيء حتى العبادة التي خلقهم من أجلها...

فلماذا نتنكب الصواب فنسكت عما يعجبنا و نجرّح فيما لايعجبنا، بل ونضيف لذلك احتقار ذوق الآخر أو وصمه بكل نقيصة ومعيبة، والأدهى من ذلك والأمرّ  عندما نبرر انتقادنا اللاذع بأن ننسب هذه الخيارات التي نراها معيبة إلى فئة نحتقرها، فنضيف لنقدنا العنصرية التي هي سببه الأول والأخير .

فإذا كان انتقاد ذوق الآخرين -لأنه لايعجبك- عنصرية، فإن انتقاد ذوق الآخرين - لأنه يمثل فئة معينة- يُعد عنصرية مركَّبة ومتأصلة في ذهنية لاتدرك أنها متخلفة و مناهضة للفطرة.

عندما لايعجبك شيء ما فهذا حقك ولكن ليس من حقك تشويهه؛ فهذه دناءة وقلة في الأدب والذوق..

فالذي لايعجبك ليس سيئا في ذاته، ولكنه سيء بالنسبة لك أنت فقط ولمن يوافقك قبل أن يعرف موقفك..وقبل أن يتأثر بموقفك.

فالأعجاب وعدمه كلاهما خياران متاحان للجميع،

 وليس بالضرورة أن يتوافق البشر في خياراتهم،

 ولكن المهم ألا يتخانقوا إذا اختلفوا ولايتخالفوا إذا افترقوا ..

فالحياة مبنية على مبدأ الخيارات المختلفة التي لاتحتمل الصواب والخطأ، بل تحتمل التنوع والمرونة والتعددية واحترام الاختلاف..

 إننا غالبا نميل طبيعيا لمن يوافقنا ويتفق معنا، ولكن هذا لايعني أنه الأفضل لنا، فلربما صحت الأجساد بالعلل، والمختلف عنك قد يكون محفزا  قويا للتكامل والتكاتف والنمو، في حين قد يكون التوافق سببا للضمور و التخلف.. وأيا كان الأمر فكلها إمكانات واردة.

حنان اللحيدان