(معاملة المجتمع لينا خلاص جابتلنا اكتئاب، مصممين يحسسونا بإعاقتنا فى كل خطوة فى الحياة).. بدأت سيدة من الأقزام العاملين بالتربية والتعليم، حديثها موضحة أن التوجه لأحد المصالح الحكومية هى رحلة عناء، وابسط مثال نجده فى البنوك ومكاتب البريد والتموين، فكافة الشبابيك بها مرتفعة لا تراعى وجود أى قزم. بالرغم من تخصيص عام 2018 كعام لذوى الإعاقة. ورغم قرار مجلس الوزراء فى أواخر 2014 فى اعتماد نسبة الـ5% التى أقرها قانون العمل لصالح ذوى الإعاقات، بحيث تصبح نسبة خاصة معممة لهم فى كافة قطاعات الدولة كالإسكان والصحة وغيرها من مناحى الحياة.
لست من دعاة العنف لحل المشاكل. ولا أعتنق سياسة الصوت العالى فإن أنكر الأصوات صوت الحمير. لكننى أحب التروى والتفكير العقلانى لحل ما يواجهنى ويواجه مجتمعى. ولا أنكر فضل الدولة وجهودها مؤسساتها فى البحث عن حلول.لكنى ومنواقع الحياة أجد تسويف لتنفيذ بعض القرارات او التباطؤ فى تنفيذها. فمثلاً عند زيارة الكثير من المصالح الحكومية تجد شباك مخصص لكبار السن وأصحاب الحتياجات الخاصة.فهذا شىء حضارى ورائع ولكن المضحك المبكى أن تجد خلف هذا الشباك كرسى فارغ.فإذا ما حاولت أن تسأل عن الموظف ، ثق أنك لن تجد إجابة.
وعلى المعاق أن يكافح لإستخراج مستند ما من جهة ما.فإذا نال هذا الشرف وأنهى ورقه وأختامه، يبدأ رحلة عذاب أخرى وهى الإنتقال عبر مواصلات مكتظة. وتجد العجب العجاب أن المكان المخصص لذوو الاحتياجات الخاصه قد تماحتلاله من قبل باقى المواطنين،الذينيتعاملوا مع هذا الشخص على أنه جسم غريب وسط المارة. فهى معاناة مستمرة يومية ما بين هيئة البريد والمعاشات وأروقة المستشفيات ومحطات المترو والقطار وحتى اتوبيسات النقل العام.
نسبة المسنين بها بعد أن وصلت نسبتهم إلى 6.9 ٪ عام 2017 بواقع 6.4 مليون مسن من إجمالى السكان، وفقاً لأحدث تقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بينما بلغت نسبة ذوى الإعاقة 10.7 ٪، بواقع 10 ملايين مواطن يتمركز أغلبهم بمحافظتى المنيا والقاهرة، وبالرغم من تلك الأعداد فإنه تم حرمانهم من أبسط الخدمات التى من الممكن تقديمها لهم فى الجهات التى يتعاملون معها بصفة دورية.
فوفقاً لأحدث تقرير للإحصاء بلغ عدد المسنيـن المشتغـلين 1.3 ملـيـون أغلبهم يعملون فى نشـاط الزراعة والصيـد، وتجارة الجملة والتجزئة، والنقل والتخزين. ورغم وجود خصم فى سعر التذكرة، فإنها بلا فائدة فى الوقت الذى لا يستطيع غالبيتهم الاستفادة منها من الأساس، ففى حالة أتوبيس النقل العام، لا يوجد بالقاهرة والجيزة بأكملها أتوبيس واحد مناسب ومهيأ لإقلال ذوى الإعاقة خاصة أصحاب الإعاقات الحركية والأقزام، مما يضعهم أمام حلين: إما الاستغناء عن الوسيلة، أو الرضا بالإهانة والسماح للركاب بحملهم لاستقلال الأتوبيس.
أما بالمترو فالوضع لا يختلف كثيراً ففى الوقت الذى بادرت هيئة المترو بتركيب مصعد «اسانسير» داخل كل محطة ليستخدمه ذوو الإعاقة وكبار السن، تناست كيفية وصولهم للمصعد من الأساس، فبدءًا من الرصيف الخارجى للمحطة لا تجد سوى دَرَج طويل إما صعودا أو هبوطا للوصول للرصيف الداخلى الذى يوجد به المصعد، ولا يجد ذوو الإعاقة وكبار السن خاصة أصحاب الكراسى المتحركة فى هذه الحالة إلا حلين أيضا: إما الاستغناء عن استقلال المترو نظراً لصعوبة قطع كل تلك المسافة بمفردهم، أو الاستعانة بعدد من الشباب لحملهم بالكرسى للوصول للمحطة، وهو مشهد اعتدنا رؤيته كثيراً، ولا ينتهى الأمر عند تلك النقطة بل لجأت هيئة المترو إلى رفع الدعم عن تذاكر كبار السن منذ عدة أسابيع بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة لأغلبهم.
وبمحطات القطار فالوضع كارثى فكيف يمكن لأصحاب الاحتياجات الخاصة أن ينتق من رصيف لأخر عبر النفق اسف شريط القطار؟ فهى مجرد سلالمعادية للأسوياء صعوداً وهبوطاً وليس مخصص بها أى تجهيزات للحالات الخاصة!
وأُشير إلى أن الحل الوحيد لهذا الأمر هو إمتلاك سيارات مخصصة لهم، لكن الدولة لا تسمح للأقزام بذلك بالرغم من أنهم لن يحملوها أى تكاليف، بل سيشترون سيارة بمالهم الخاص ويعدلونها وفقا لأوضاعهم الخاصة.
ماذا عن الكفيف؟
الكفيف على وجه التحديد يعد بالنسبة للدولة فاقدا للأهلية القانونية فلا يتم إجراء أية معاملات ورقية إلا بوجود وصي، متسائلاً ماذا لو لم يوجد وصي، هل يُحرم الكفيف من انهاء مصالحه أم على الدولة استحداث طرق للتعامل معه؟
مشكلة المسكن:
يحكى أحد أصحاب الاحتياجات الخاصة قائلاً: "لأننى فقدت الأمل فى الحصول على حقى، شاركت فى إعتصام ذوى الإعاقة عام 2010 للمطالبة بحقى، وأكدوا لنا أن أوراقنا سوف تنتهى، ولم يحدث أى شىء رغم أننى رب أسرة، ولدى طفلة معاقة إعاقة مزدوجة، وحتى الآن لم أستلم شقة المحافظة". بعد الاعتصام شكل هذا الرجل وزملاؤه حركة المليون معاق للمطالبة بحقوق ذوى الإعاقة، وعلى رأسها الحق فى السكن، ونظموا اعتصامًا آخر باسم الحركة للمطالبة بسكن لذوى الإعاقة أمام مقر وزارة التضامن عام 2013، وقتها حصلوا على وعد بتخصيص وحدات لهم، ضمن شقق الأولى بالرعاية، بمساحة 42 مترا فى منطقة العاشر من رمضان، ولا يزال هو وزملاؤه ممن تلقوا وعدا بالحصول على وحدات ينتظرون القرار، منذ 2013 حتى الآن.
فى نهاية عام 2014 أصدر المهندس مصطفى مدبولى، وزير الإسكان قرارا بتخصيص 5% من الإسكان الاجتماعى لذوى الإعاقة، بنفس شروط المواطن العادى، وهى سداد مقدم الحجز (مبلغ 5000 جنيه)، بجانب 100 جنيه تحت بند «مصاريف استعلام لا ترد»، مع سداد المبلغ عبر مكاتب البريد، بقسط شهرى يبدأ من 450 جنيها، لوحدات بمساحة 90 مترا، ووعد الوزير بتوفير الأدوار الأرضية ووسائل الإتاحة لذوى الاحتياجات الخاصة.
إلا أن بعض ذوى الإعاقة ، فوجئوا بأن شروط الإسكان الاجتماعى لن تنطبق عليهم، نظرا لاشتراط ألا تزيد سن المتقدم عن 45، وارتفع إلى 50 سنة بعد ذلك، إضافة إلى أن كثيرا من ذوى الإعاقة يعانون من مشاكل الحصول على فرصة عمل فى ظل أزمات البطالة، وتراجع نسبة الوظائف المتاحة لهم، ما يؤدى إلى صعوبة توفير 5000 جنيه لكثير منهم، ما أدى إلى إقصاء أشرف وأسرته من المشروع، بسبب شروط الوزارة.
أرجعت هبة هجرس، الأمين العام للمجلس القومى للإعاقة، التأخر فى تسلم ذوى الإعاقة وحداتهم السكنية لسنوات تصل إلى 16 و17 عاما، إلى أن الجهات المعنية لم تكن تضع فى اعتبارها نسبة الـ5% لذوى الإعاقة. وقالت إن هذا تغير حاليًا، وإنه بمجرد إعلان الحكومة عن مشاريع الإسكان والتوظيف التابعة لها، يبادر المجلس بإرسال رسالة تذكيرية إلى الجهات المعنية بوجود نسبة 5% لذوى الإعاقة. وأكدت أن وزارة الإسكان استجابت لهذه الرسالة وأعلنت عن تخصيص وحدات لذوى الإعاقة فى جميع مشروعاتها السكنية وفقًا للنسبة المقررة، مضيفة أن هذا سيقلل من أزمة إسكان ذوى الإعاقة فى السنوات القادمة حتى يصدر قانون «الأشخاص ذوى الإعاقة» الذى يعكف المجلس على إعداد مسودته.
أن كافة أزمات ذوى الإعاقة من الممكن أن تحل إذا تم تخصيص مكتب لخدمات ذوى الإعاقة يضم موظفين مدربين للتعامل مع المكفوفين والصم والبكم والأقزام والمعوقين لتسهيل إجراءات الحياة.