الكذب لايعني إخفاء الحقيقة،
بل تزييفها.
الفرق بين الزيف والكذب، أن الكذب نصنعه والزيف يصنعنا؛ بعد أن نمتلىءكذبا على الذات، فيفيض الكذب مشكِّلا شخصية مزيفة تستوطن المنطقة العمياء التي لاتدري ولاتدري أنها لا تدري.
قد يرتكب المؤمن كثيرا من الخطايا إلا الكذب؛ فالمؤمن لا يكون كذابا أبدا؛
لأن الكذب غباء وضعف.
لكن الكذب لا يعني عدم قول الحقيقة، فحقيقتك ملكك وحدك وأنت غير ملزم بالتصريح بها،
إنما الكذب يكون في مخالفتك لحقيقتك.
عندما تنكر ما تخبرك به مرآتك،
فأنت تجبرها على الكذب عليك !!!
يلزمك أن تحسن اختيار مرآتك بعناية لكي تعينك على رؤية نفسك على حقيقتها ، وإلا فلا قيمة لها ، فهي لن تكذب عليك إلا إذا كنت راغبا بذلك ...
اكذب لكن لاتصدق كذبتك،
لأنك حينها ستجمع مع الكذب الغباء،
وإن صدقتها فلا تعشها ،
لأنك ستجمع مع الكذب والغباء الكبر،
وإذا عشتها فلا تمت عليها ،
لأنك ستجمع حينها مع الكذب والغباء والكبر سوء المصير !!
نستطيع مغالطة أي شيء إلا أحساسينا،
وتستطيعون تكذيب ورفض كل شيء عدا أحساسينا ..لك أن لاتقتنع بها ..لك أن لاتقبلها
ولكن ليس لك أن تشكك فيها ...
المشاعر والأحاسيس لاتحتمل الصدق أو الكذب، ولكنها تتطلب القبول أوالرفض ...تتطلب التوافق أو احترام حق الاختلاف ...
الحقيقة والواقع ليس ماتراه بل هو تفسيرك لماترى بعد مروره من خلال عدسة فكرك التي تشكلت من خلاصة إداركك وقيمك وتصورك لما تصوره لك المواقف والأشياء بعدستك الخاصة الكامنة داخلك.
أحيانا تفضل أن يقتلك الوهم على أن تكسر خاطرك الحقيقة.
ليس كل ما نقوله حقيقي،
وليس كل ما يفهمه الآخرون حقيقي..
لكن الحقيقة بين هذا وذاك...
أكبر من أن نقولها ...
وأوضح من أن يفهموها..
وهي أعمق من أن نسبر غورها..
هي من الخيال أقرب...
ومن السراب أبعد..
علمتني الحياة أن الحقيقة لها أكثر من وجه، و أن الوصول إليها يكون بأكثر من طريقة...
ولكن الحقيقة في النهاية واحدة...
إذا كنا نستعين بالبوصلة لنبتكر خرائطنا الخاصة...
عندما نخشى الاعتراف بالحقائق ونحاول الهروب منها وإنكارها أو تجاهلها فإننا في الحقيقة نقدم اعترافا صريحا بضعفنا وجهلنا و تخلفنا.
كما تكون سترى العالم،
و الحقيقة أن العالم ليس مثلك،
والواقع أن العالم لايراك ولا يهتم بذلك.
العالم ليس مرآتك، بل هو ظلك، الذي يختفي عندما تكون في النور..
(فكن أنت التغيير الذي تحلم برؤيته في هذا العالم).
الكل يقول الحقيقة ولكن....
كما يراها!
حتى أكثر الكذابين كذبا يعتقد أنه يقول الحقيقة، ولكن بطريقته!
إن بعضهم يكذب ضعفا،
وبعضهم يكذب خوفا،
و كل من يكذب جبان،
و كل من يكذب يتوهم أنه يقول الحقيقة،
لكنه يجبن عن مواجهتها...
الكذب شيء وإخفاء الحقيقة شيء آخر ..
فليس من الكذب إخفاء الحقيقة التي لاينفع أحد معرفتها ولايضر أحد الجهل بها..
لك أن تخفي حقيقتك بشرط عدم معارضة ذلك لنزاهتك..
فليس من الحكمة قول الحقيقة دائما، وإن كانت النزاهة دائما في عدم الكذب على الناس بشكل يضرهم..
و كما أن طيبة القلب تعني حسن الظن بالناس، فإنها لا تعني تصديقهم في كل مايقولون أو أخذه على محمل الجد دائما، فليس شرطا أن يكون ذلك من قبيل الكذب أو الصدق، بل قد يكون من قبيل أحاديث المسامرة وفض المجالس أو من قبيل الموازنة بين الحكمة والنزاهة..
تبقى الاحتمالات ما بقيت التساؤلات ..
كل مافي هذه الحياة( احتمال) ولذلك يستمر السؤال، بحثا عن الحقيقة، التي لن يجدها الإنسان إلا بانتهاء حياته..
من حقك الاحتفاظ بحقيقتك لنفسك وعدم قول الحقيقة دائما على ألا تمس مصداقيتك بكذب مطلقا لأن ذلك يمس شرفك وكرامتك وتقديرك لذاتك..
حنان اللحيدان