مفارقة النهب: بين حرائق كاليفورنيا وصمود غزة
"في أوقات الأزمات الكبرى تظهر أخلاقيات المجتمعات على السطح حين تسود حالة من اللانظام فانرى بعض النفوس البشرية الضعيفة تقوم بكسر القواعد الأخلاقية والقوانين المدنية من خلال أشاعة روح الفوضى والشغب الوقتي وإذا ما نظرنا إلى أحداث كاليفورنيا التي شهدت حرائق مدمرة مؤخرًا، نجد أن حالات النهب والانفلات الأمني باتت ظاهرة متكررة تعكس هشاشة النظام المجتمعي في مواجهة الكوارث ، تظهر هذه الحالات في كثير من المجتمعات البشرية على اختلافها مهما كانت ديانتهم او ثقافتهم او قومياتهم وتوجهاتهم السياسية ، لكن في المقابل نرى لوحة انسانية معبرة تستحق الأشادة والفخر من ارض عربية مسلمة محتلة فارغم الظروف القاسية التي تعيشها غزة من حصار ودمار، لم تُرصد ظاهرة النهب أو "الفَرْهُود" كما قد يتوقع البعض بل إن سكان غزة يظهرون صمودًا أخلاقيًا وتلاحمًا اجتماعيًا لافتًا
صحيح أن حالات التدافع أحيانًا تحدث حول شحنات المساعدات الإنسانية، وهو أمر متوقع في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة، لكنها لا تصل إلى مستوى النهب أو الاستغلال الذي قد يُضعف المجتمع.
ما يحدث في غزة يعكس تماسكًا اجتماعيًا وأخلاقيًا نادرًا في عالمنا اليوم مجتمع يحترم موارده، ويتضامن في وجه محنته، ويضع القيم الأخلاقية فوق أي اعتبارات أخرى هذه المفارقة تطرح سؤالًا : ما الذي يجعل شعبًا تحت الحصار أكثر التزامًا بالقيم من شعوب تعيش في دول مستقرة؟
ربما تكون الإجابة في طبيعة التحديات التي تصنع الوحدة، والقيم التي تشكلت تحت الضغط، والتاريخ الذي صاغ هذا الوعي الجماعي الذي لا يسمح للانهيار الأخلاقي أن يتسلل حتى في أحلك الظروف، ربما تكون هذه الأحداث اثباتاً تاريخيا منصفاً يرتب الملامح الأسلامية العربية التي شوهت بمفهوم الأرهاب والتخلف ."
حي على العقل