«واحدة من أكبر أكاذيب الحياة هي مقولة "اتبع شغفك" التي يرددها الجميع، إنها نصيحة سيئة؛ لأنك قد لا تحترف ما أنت شغوف ومتحمس له».

*مارك كوبان. رجل أعمال أمريكي.

⁃في الماضي كان يطمح كوبان إلى أن يصبح لاعب بيسبول وكان يعتبرها واحدة من أهم أحلامه، إلا أن قدراته في تلك اللعبة كانت محدودة للغاية؛ حيث لم يتمكن من إلقاء الكرة بسرعة أكثر من 110 كيلومترات في الساعة، الأمر الذي يجعله غير مؤهل للمنافسات الرئيسية.

⁃بعد أن فشِل ينصح مارك بمعرفة كيف يمكن استثمار الأوقات بأن لابد أن تُحكِّم شغفك و عاطفتك. و تفكِّر بشكلٍ عقلاني في أي المجالات التي تناسب أن يُستثمر وقتاً كافياً فيها.

⁃قام ويليام ماكاسكيل بتأسيس موقع عام 2011 يُسمَّى بـ(80,000) ساعة. هذا الموقع يهدف إلى مساعدة الناس على إيجاد الوظائف المناسبة لهم. و التي بإمكانهم بواسطتها أن يؤثروا في المجتمع. يقول « وعلى مدار السنوات الأربع الماضية، ومع تعمق شديد في مطالعة الأبحاث الموجودة بالفعل، قمنا بعمل مقابلات شخصية مع مئات الأشخاص من مختلف المسارات الوظيفية ودربنا مئات آخرين، وكان من أبرز ما اكتشفناه آنذاك هو أن البحث عن “الشغف” المقدر لك مسبقًا هي طريقة خاطئة تمامًا لتحديد المسار الوظيفي الذي سيضع بصمتك في الحياة، لم ذلك؟ حسنًا، في البداية، دعني أقول أن [شغف أغلب الناس لا يتوافق مع سوق العمل ببساطة] »

⁃وجدت دراسة أجرتها جامعة كيوبك على طلاب الجامعة أن 84% من الطلاب لديهم شغف ،  و90% من هذا الشغف في الرياضات البدنية والموسيقى والفن، بينما تبلغ نسبة الوظائف المتوفرة في هذه المجالات 3% فقط ، وهو مايؤدي إلى تنافسية كبيرة على عدد قليل من الوظائف ذات الأجور العالية ، كما أن إمتلاكك لشغف في الموسيقى مثلًا لن يجعل منك بالضرورة موسيقيًا محترفًا.

⁃طبقاً لما يقوله ماكاسكيل « وبالإضافة إلي ذلك، فإن شغفنا وإهتماماتنا تتغير بمرور الوقت: فقد أظهر علماء النفس أنها تتغير أكثر بكثير مما قد نتوقع، فكر مثلا  في اهتماماتك منذ عشر سنوات؛ من المرجح أنها كانت مختلفة تمامًا عما هي عليه اليوم، وقد ترسم خطة لحياتك معتقدًا أنك لن ترغب في إنجاب الأطفال، ثم تجد عند بلوغك الثلاثين من العمر أن رغباتك تلك قد تغيرت إلى حدٍ كبير. »

⁃إذا غامرت عاطفياً و قررت أن تتبع شغفك و مشاعرك فقد تخاطر في وظيفة قد تفقد بها الإهتمام على المدى الطويل. ماذا تفعل إذن؟  إن العمل الذي يجب أن تبحث عنه هو ما يجعلك تستمتع به على أن تكون فرصه في سوق العمل كثيرة أو ليست نادرة على الأقل.

⁃العمل الممتع بحسب ويليام ينقسم إلى 5 عوامل:

1- الإستقلالية : إلى أي مدى يمكنك التحكم في طريقة سير عملك؟

2 - شعور الإنجاز عند الإنتهاء من مهمة ما في صميم عملك.

3- التنوع بحيث لا يستقل عملك قطار الرتم البطيء

4- إمكانية تقييم نفسك بحيث يمكنك محاسبتها قبل أن يحاسبك مديرك.

5- الأثر: إلى أي مدى يصنع عملك أثراً في حياة غيرك.

قد تسهم هذه العوامل في خلق الحافز لديك تجاه عملك.

⁃تختلف مميزات الأشخاص بإختلاف شخصياتهم. و لأجل ذلك عليك أن تعرف ما يُلائمك أنت فحسب. لتعرف ، أسال نفسك هذا السؤال: إذا كان عليِّ استثمار الوقت ، فإلى أي مدى ستجعل مني هذه الوظيفة إنساناً أفضل مقارنةً بالوظائف الأخرى التي كنت سأختارها بناءًا على شغفي؟ أنت من تملك إجابتها. و أنت من تحدد كيف تنفق (80,000) ساعة من عمرك.

⁃إن الوظائف التي تعتمد بشكل كبير على اتِّباع الشغف أياً كانت فإنها بالتأكيد ستكون قليلة و تنافسية للغاية. لذلك ابحث عن العمل الثابت و المُرضي مادياً. و لا تلتفت لباعة الأوهام و خزعبلاتهم.

⁃« فالأهم هنا هو ما قد تجيده في المستقبل، وليس بالضرورة ما تجيده الآن » ويليام ماكاسكيل.

⁃أختم بنصيحة أستاذ الحاسب في جامعة جورجتاون ، كالفن نيوبورت حيث يقول: 

نصيحة مثل "اتبع شغفك" غير منطقية لسببين:

⁃١- لكونها مبنية على إعتقاد بأن الجميع يعرف شغفه في الحياة. والحقيقة عكس ذلك، قلة هم من يعرفوا شغفهم في الحياة بشكل واضح.

⁃‏٢- لا توجد أدلة كافية تدعم علاقة الشغف بالسعادة بالحياة الوظيفية.