الحُضن في اللغة العربية تعنى جعلة في ناحيتة وجانبه وأحاطة برعايتة وحمايتة ورباه، الحُضن بضم الحاء متعة كبيرة ولذة فائقة في التعبيرعن المحبة والرعاية والمودة والالتزام جهه من تحتضن بالأمان والإطمئنان والراحة.   

مع بداية جائحة كورونا انقسمت الفكرة عن شعار التباعد والمسافة الأمنة إلى ثلاثة فرق فريق رأى الامر على أنه أمر مريح، فكم سعى الجميع إلى اجازة وحمدًا لله أنها جاءت إجبارية، وفريق رأى فيها مشقة فهو لا يستطيع الإبتعاد عن مخالطة البشر رغم مساوئهم.

وفريق ثالث رأى أنها استراحة محارب لاستعادة الحياة بشكل أنقى وأفضل فهى ظروف فرضت على الجميع، وستكون فرصة لالتقاط الأنفاس بعد انتهاء جائحة كورونا التي بدأت منذ شهور ولا أحد يعلم متى ستنتهى.

أيا كان الفريق الذي تنتمى الية فاذا كنت ممن يتعاهدون أمام أنفسهم ألا يحتضنوا إلا من تحب قلوبهم بصدق، فهذا المقال موجة اليك، فالحضن هو ضم القلوب وأغراق وجوهنا بالأبتسامة وغمر المشاعر بالحنان واجب روحي إجبارى لأنفسنا في الحياة لا لمن نحب فقط، فأنت يا عزيزي فاقد للحب وللدعم النفسي الصادق وشاعر بالوحدة حد الألم والتمزق، فانت في اقسي فترات حياتك، يختبر فيها صبرك على المشاعر القاحلة الصحراء، التي لا حب فيها ولا ود ولا مودة ولا طبطبة.

أصحاب الأحضان الصادقة

لم ندرك أهمية الحضن ألا بعد أن فقدنا تلك الأداه الساحرة الفياضة، للتعبير عن دفء المشاعر وجمالها وبياضها، فقدنا أهم أداة كان يراها البشر فىيالقلوب ويلمسها دون أدنى مجهود وتسليمًا بالمحبة التي في القلوب، وأصبحت مشاعرنا الأنسانية قاحلة وزاد الأحساس بالوحدة والفقدان ونغزات القلب تعبيرًا عن الأشتياق.

الحضن لغة لا يعرفها ألا المحبين وأصحاب القلوب البيضاء فالحضن لمن أحب، لصاحب الود ومخزون الاشتياق، القلب موصول بالحضن، فاذا كان القلب هو مكان لمكنونات المحبة التى لا يراها أحد.

أعطانا الله منحة الحضن ليكون لغة لتعبير المحبين عن ما فى قلوبنا، واليدين الحاضنتين هما أدوات القلب للتعبير عن المودة والمحبة والسعادة والأشتياق للقاء، والمحبة ليست مقصورة على الحب بين الرجل والمرأة ولكن المحبة لمن شاركتهم طفولتك وضحكاتك وأفراحك وأطراحك أيضًا.

كورونا منحة للمحبة            

هل يتصور البعض من فرط الحرمان من الاحضان لفترة تزيد على شهرين بعد فترة من الهدوء أن يكتشف أصحاب الأحضان الصادقة أن الأعداء نقطة في بحر الأصدقاء، والكارهين مجرد قشطة أمام قصور المحبين، وأصحاب مكارم الاخلاق هم الأكثر ظهورًا في حياتنا، وأن التباعد كشف عن حب دفين، فكورونا علاج أرسلة الله لتهدأ النفوس، ولنعرف كيف نتغلبت على محاولات مساوئ الأخلاق التي حاول البعض التعامل معها خطأ على أنها القاعدة في حين أن الأصل ان سوء الأخلاق هو شواذ القاعدة.

الحقيقة أننا تباعدنا عن المحبين الحقيقيين فارغمنا الخالق على التباعد حتى نعى أن صدق المشاعر أهم وأبقى، قدسنا الكراهية فأرسل الخالق جندى من جنودة ليعلمنا درس في أهمية المحبة والتقارب، فبعد أن اتجة الكثيرون إلى الكراهية والحسد والحقد والغل، أعاد الكثيرون منا حساباتهم وبحثوا في قلوبهم عن المودة التي لم تكن مفقودة، وأنما كانت مطموسة فاظهرت المحن الحب الحقيقي والأخلاص الحقيقي، فكورونا جعلت الكثير منا يعفو عن ما سلف حتى وأن لم يصرح بذلك.

حرمنا كورونا من الأحضان، فكشف لنا الكثير من المحبة الكامنه فينا، فاصبحنا نرى المحبين الحقيقيين عرفنا أهمية المحبة والعطف وقدرنا التعبير عن مكنونات نفوسنا المحبة لمن حولنا، فالحضن يجب أن يكون فرض بعد أن كان سنه غير مستحبة أرادت الطبيعة أن تقول لنا "يا بنى آدم أستخدم أدوات المحبة للتعبير عن صدق الحب". 

ذكرياتك ونيسك

ذكرياتنا والبوم الصور هو خير من يلجئ له أصحاب القلوب البيضاء التي تعانى من أرض قاحلة ترويها المشاعر الصادقة، فصورة صديق أو نظرة من رفيق أو ابتسامة فى وجة شقيق هى خير ونيس وجليس، بل قد ترفع عنك بلاء التباعد الأجباري، وتدخل البهجة ونسمات المحبة إلى قلبك المحبوس بين جدران لا تعرف للحب سبيلا منتظرين انتهاء الأمر الإلهى لانتهاء الحبس.

أجابات مبهجة

 سألت عدد من الأصدقاء ماذا ستفعلون مع أحبابكم عند انتهاء جائحة كورونا؟ فكانت الأجابات فكاهية ومضحكة حد الإنبهار والبهجة وحد الألم أيضًا، فمنهم من قالت "دونت عدد الأحضان والقبلات التي سأمنحها لكل من أحب، فوصلت عدد القبلات إلى مئات القبلات وآلاف الأحضان"، وأجابة أخرى تقول سازور كل من أحبت أهل وأصدقاء وجيران"، ومنهم من قالت "وحشنى ناس كتير أوى همشى في الشارع أحتضن من أعرف ومن لا أعرف، ولن استثنى أحدًا رجل أو امرأة.

ومنهم من قالت أنها سأحتضن كل أصدقائي وأعدائي أيضًا، وأجابة أخرى "سوف أجرى في الشوارع أحتضن الهواء والماء والسماء"، نعم كلها أجابات لفتيات في اعمارهن المختلفة، ولكن كل الأجابات تجعلنا نتأكد أن نون هى أهم أسباب الحياة، وأحد أسباب البهجة وهن بذرة لكل معاني الحب والود والحنية، نون أكبر داعمة لهذه الطبيعة المسكينة. 

أما انا فأغمضت عيني، وتخيلت انتهاء أزمة كورونا، ماذا سأقول لأصدقائى الذين ما أن أحادثهم هاتفيًا حرصًا على التباعد والمسافة الآمنة ألا وقلت لهم أشتقت لكم، أتمنى لكم السلامة أنتظر أن أضمكم، فأنهمرت دموعى من فرط السعادة للقائهم، في انتظار قطرات الندى، ونسمات المحبة التي تروى قلوبنا القاحلة، وإلى أن تحن تلك اللحظة أود أن أقول "أحب الجميع وأحلم باحتضان الجميع".