إليك.. أيها الحائر دهرًا، الباكي ليلًا، الداعي فجرًا، خاصم النوم عيونك، وضاق من الكلام الحبيس صدرك، أعلمك جيدًا، ومع كل فجرٍ يتجدد تخبرني تنفسية الصباح أنفاسك التي تتدهج، أعلم بجراح قلبك وأشعر كم هو منهك، ولن أتفضل عليك، وليس حالي بأفضل منك، لكلٍ منا شواغل، ولكل منا قصة وغصة، وآمال ومسارات، تهمس القلوب سرًا ويعطي الله جهرًا، ولكل قلب حكاية، ولكل كربٍ نهاية
وإن اختلفت ساعات الصباح، لن يختلف فالق الإصباح، فأنا آتية إليك بوصية محب وجلسة مكروب، على باب الفرج ينتظر مثلي مثلك!
لكن أحيانًا نقف في طوابير الانتظار لتكون خير لقيا ونحب المسار!
فهات قلبك وتعال، واقترب فهذي وصيتي وتلك طريقتي
الخطوة الأولى
إن قلبك الذي بين صدرك محل نظر ربك، وهو مصدر قوتك، فاجعل أسوار قلبك عالية شامخة، لايتخللها زيغ ولا ينفذ إليها شبهة وحاول - قدر المستطاع- ألا يثقب بشهوة!
فيابني إحذر فتنة الشيطان أن يلامس قلبك فالله يعلم القلب وماحوى والشيطان وماغوى
ويعلم من نَهى النفس عن الهوى! فلاتنس ربك في السكنات والحركات فهو بوصلتك!
وكن في ميدان العمل حتى يأتيك الأجل
وحول السكنات للحركات وإن هبت رياحك إياك ألا تغتنمها، أو تغفل عنها
فمتى ما أدرك العبد الداء بحث عن الدواء ودواء قلبك الاستغفار، والتضرع بين الفجر والأسحار! وأقبل على محاب الله واذكر ألطافه عليك فكم من إحسان جاء من المنان!
يَمُن عليك بلطفه، ويحسن عليك بستره!
يعطيك بفضله وقدره وليس بعملك وقدرتك! فسد ثقوب قلبك وتطهر!
أما الخطوة الثانية
فأقم قلبك واستقم كما أمرت عرفت موطن ضعفك وقدرك أمام من خلقك، ووالله لست ألومك ولست أوبخك إنما كما سلفًا مثلي مثلك لكنها رحلة نقطعها سويًا رَبط الله على قلبي وقلبك، إعلم _جزاك الله- أن ألطاف الله غالية، ولو نظرت في ساعةِ صدقٍ لتجلّى لك المعنى، لرأيتَ أنّ تفاصيل اليوم والساعة واللحظة، تغير منك وتصنَعُكَ لقادمٍ يليقُ بك، فكل حياتك هي عمليات حذف وإضافة، وتهذيب وتدريب وهو نتاج الخلوات والجولات، وكل ضيق طرحك لمولاك أرضًا رفعك عنده دهرًا، وكل أطراح مرت هى أفراح سرت، فليكن حُسنُ الغرس بتهذيب النّفس، فأكثر من الذكر فالله أكبر من كل ذكر
الخطوة الثالثة
اقطع السبل إلا سبيل السماء، ناجي التواب دهرًا واستغفر سرًا وجاهرًا، وقف على باب الوهاب وقفة فقيرٍ ألجأته الحاجة لطرق الأبواب فوجد باب الكريم، ملك الملوك أتراه يتركه؟
لاتنس، تدبير ربّك ..حين كنت صغيرًا في بطن أمك وهو يغذيك كالملك فمن ذا الذي سقاكا وزرقك وهداكا!
إن يد ربك تعمل على هَدي قلبك وسير دربك، ولمام شتات أمرك، فلا تحسبن أنك من دبر وخطط ليومك السابق إنما إرادة الخبير، وانظر في نومتك وقد كاد الكرب في صحوك يخنقك فمن ذا الذي أنزل أمنة النعاس عليك، ونظم أنفاسك! الله الذي فعل فلا تأملن من سواه مطلوبك ولا يكون في غيره مرغوبك! و رَدِّد؛ (واللهُ أحَقُّ أن تخشاه) حتى يتساقط عن كاهلك كل خوفٍ و قلق، وكُل بشرٍ وضعته في غير موضعه، حتّى ينطفئ عنك العلائق.. وتَضَع لكُل حرفٍ معناه، ولكل حدٍّ مرساه، وادعو اللهمّ اقطع رجائي عمن سواك ولاتنزل حاجتي إلا لك
الخطوة الرابعة :
حين يتأخر فتح الباب والإتيان بالغيث والجواب، ويأتيك الظنون والأهاوم ويلوح عليك طيف الأثام لا تتهم العظيم الكريم وقل فقير في فاقة وأنت الرحيم، تودد له بالأسماء الحسنى وتزمل له بالصفات العلى، قل إنما هي أيام عجاف، ومن كان الله معه لايخاف، ياهذا من سعى في سبيل ربه ارتقى، ورب الفلق لاينسى من صدق!
قف معي على الباب، وانتظر عطايا الوهاب
غدًا نقول ذهب الضر وبقى الأجر، وطوبى لمن صبر وفاز من شكر 💙
أقول هذا واستغفر الله من كل ذنب يطيل الألم وينزل السقم ويمنع إجابة الدعاء أو يقطع الرجاء، فرج الله عني وعنكم 🌿