من ما اعتدتُ عليه دائمًا في مجال اهتمامي وشغفي في التصميم - كغيري - تطويع الخطّ العربِي في تكوين وإنشاء الشّعارات ، انبهارًا ببريقه وشدة مرُونته في أداء وظيفته ، ..
ربّما أوفّق أحيانًا ، وقد أخفق أحيانًا أخرى ، .. في مخالفة ذوق العميل ، في عدم توازن التكوين ، في غير ذلك .. لكن من أكثر ما أواجَه به ، ويواجه به غيري من المهتمين والمختصين في المُجتمعات الفنية بهذا المجال بسؤال : لم استطع قراءة الشعار ، إذا هو غير مقبول ! ما يدعو لفتح آفاق أبعد حول هذا المفهوم الشائع :
هل يلزم بالضرورة أن يكون الشعار قابلًا للقراءة ؟
من الافضل أن نبتعد عن الإجابات التقليدية ، ونبحث عن الإجابة بصورة مُختلفة ومُقنعة ، لو فرضنا مثلًا أنه طُلب منك الآن - بدون سابق تنبيه - أن تخط أو (ترسم) شعار قناة الجزيرة القطرية وتلونه بلونه الصحيح ، على الأقل ما تذكره فيه ، ثم طُلب من 10 آخرين مثل ذلك ، ثم تمت مقارنتها ببعضها ، غالبًا ستجد أن أغلبكم قد "خبّص" في التصميم ولم يُجده بالدقة وربما ضاقت عليه المساحات الداخلية وتبعثرت حروف الكلمة ، إلا أن الأرجح بكل تأكيد أن اكثركم - إن لم يكن كلكم - يتفق على شكل قطرة الماء التي يكونها الشعار + يتفق على اللون المميز للقناة (الأصفر الى الذهبي) ، .. ! فهل تم هنا بناء تذكرهم للشعار على قابليته للقراءة ومسارات حروفه أم على شكله ولونه الخارجيين ؟
اعد التجربة بشعار "طيران الإمارات" مثلا ، أو بشعار "كوكا كولا" ، وغيرهم ، .. ولاحظ النتائج ، يقودك هذا تلقائيا إلى إدراك مفهوم خاطئ عند كثير من الناس ، وهو أن الشعار يجب أن يكون قابلا للقراءة ! بحروف بسيطة دون تكوين ، ولو صح لفقدنا قدرًا كبيرًا من المدارس الجمالية في التصميم ، بموافقة عدد ضخم من المختصين حول هذا الشأن ، كالخطاط والمصمم العالمي وسام شوكت ، وغيرهم .. وبالتالي تُدرك :
إن العقل والعين يستوعبان في الشعار شكله أولًا ، تكوينه ، جماليته ، رمزيته ، لونه ، كل ذلك قبل قابليته للقراءة ، فالشعار رمز أولا واخرا في المفهوم العام ، رمز لجهة معينة تمثل الصورة البصرية له ، يدركه الشخص عند وقوع العين عليه وليس بعد اتمام قراءته ، كما في آلاف الشعارات التي نراها بشكل متكرر ، وبالتالي إصلاح هذا المفهوم يتعين على من يدرك هذا المفهوم ويتقبله ، ويزيل الربط الخاطئ المنتشر بين اغلب المصممين والعوام ..
لا شك أن تسهيل قراءة مخطوطة الشعار قد تكون نقطة قوة ، ولكن لا يلزم أن تكون نقطة تميزه ونجاحه ، كما نرى دائما في البارز منها ، .. لذلك ، اهتم بأوليات العناصر البصرية في الإدراك والتذكر ، تجد قبولا وتميزًا في طرح تصميمك ، دمتم بوُد ..
ط
