من المحال الرجوع للوراء...ومن المحال أيضا العيش في الغد البعيد..وفي قصة أهل الكهف التي ساقها القرآن الكريم تحقق هذا المستحيل فكانت النتيجة أن عاد أهل الكهف لكهفهم ولم يستطيعوا العيش خارج زمنهم،وبعيدا عن عاداتهم وتقاليدهم وواقعهم ،حتى مشاعر الحب التي كانت تربطهم بمحيطهم تلاشت بفعل الزمن،ربما أن كلبهم أيضا لو قدر له لقاء كلاب ذاك المستقبل لما وجد فيهم صحبته المألوفة ،ولتوجسوا هم أيضا منهم خيفة،ولوجدوا فيه رهبة ..جبار أيها الزمن تلغي المشاعر،تقتل اﻷحاسيس والقلوب،والغريب المعجز هو أن هذا الزمن رغم بطشه وجبروته لم ينجح في قطع صلتنا الروحية بالقرآن الكريم ،ﻷنه بكل بساطة يتجاوز حدود الزمان والمكان ...فلكل إنسان زمن ومكان معينين يؤطران وجوده ،فما أعجب الوقت التي يغير ملامح المكان ،وحدود الزمان.وليأخذ اﻹنسان عبرة من نفسه ألم يكن يوما صغيرا ضعيفا يحبو ويتعثر ويتلعثم وما فتئ يتطور مع الزمن حتى تلمس يوما ذقنهه فوجده مكسوا بالشعر...وأحس في عضلاته قوة تسعفه في انتزاع حقوقه،وتخونه أحيانا ليتذكر ضعفه الطفولي.لكنه يعود بعد ذلك إلى التعثر والتلعثم في شيخوخته ....إنها دائرة الزمن المغلقة.