جاء في الأثر:"من عيّر أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله"

وغالبا يقع هذا ، فوالله ماعيّرت أحداً بشيء إلا ابتليت به. مع أني لا أحب الشماتة وأكره الشامتين ، إلا أنني أحياناً أعتب بشدة على صديق حميم إذا فعل خلقاً سيئاً وربما قسوت عليه بالكلام والله يعلم أني قصدتُ خيراً.

ولكني أحياناً وبعد مدة أجد نفسي قد وقعت في ماوقع فيه أخي مع أني كنت أكره هذا الفعل وأنبذه ، فأتذكر أني عيّرته بلا قصد فأقول هذا جزاء مافعلت.

وآخر ذلك أني ضقت ذرعاً ذات يوم بصديق مقرب بعد أن حاولت أن أصلح بينه وبين صديق آخر وفشلت ، خصوصاً حين قال (مشكلتي يا أحمد إذا غضبت من شخص لا أقدر أن أسامح وأعترف أنه عيب ولكني مبتلى به) فزجرته بشدة ونعته بالحقود وسمعته موشحات عن التسامح والعفو وطيب القلب مستعرضا قصصاً من حياتي البائسة تدل على طيبة قلبي وقدرتي الهائلة على التسامح والعفو وأني على النقيض منه تماماً فلا أستطيع أن أغضب على شخص إلا سويعات وربما دقائق فأبادر بالاعتذار حتى وإن كان هو المذنب ومهما عظم ذنبه ...

وبينما أنا كذلك قال : (ليتني مثلك فأستطيع)

عرفت حينها أنه مبتلى ودعوت له.

ولكني أجد نفسي اليوم واقع في ماوقع فيه ذلك الصديق الحميم فها أنا ذا أحاول أن أسامح ومازلت لا أستطيع.

صحيح أني أشعر بجرح غائر وحرقة لم أحس بها من قبل  ومع أني لم أجد اعتذاراً لائقاً إلا أنني هذه المرة لست ككل مرة أعفو وأسامح ؛ربما لأن الجرح هذه المرة مسّ عزيزاً ليس له ذنب، أو لأنه كان قاسياً جداً ودلّ على حقدٍ دفين وسوء نية ظاهرة.

ومع هذا أريد أن أعود كما كنت متسامحاً لا أحمل الحقد وأنسى الإساءة مهما شعرت به من ألم. 

لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب

ولا ينال العلى من طبعه الغضب

فرحماك يارب ، أعد قلبي كما كان متسامحاً لا يحمل الحقد.

قال تعالى:

"الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)" سورة آل عمران.

فاللهم اجعلنا منهم فإنك قدير وبالإجابة جدير.


🖋 أبو نواف 

الأحد ١٤ يونيو ٢٠٢٠