لا ينسج الساسة خيوط الأفق البعيد للعزة والمنعة والكرامة قدر أنهم يشيرون إليها ويلوحون لنا منادين.. هيا بنا إليها.
العزة والمنعة والكرامة قلاع قائمة منذ الأزل تحيد الأمة الإسلامية عن دروبها حينا وتعود لها حيناً وما بينهما ربما تمر عليها عقود وربما تصل لقرن وعدة عقود من الزمن تُسقى فيها من أعداءها المُرّ والعلقم بكؤوس الذل والهوان.
هؤلاء الساسة رجال قلَّ أن نجد منهم في صفحات التاريخ والحاضر والمستقبل من يفعل ذلك قولاً وعملاً.. هيا بنا إليها.
شتان بين أن ترى من يسقط على قفاه وبين من يسقط واقفاً في عصر الضعف والهوان وهو ينادي.. هيا بنا إليها.
لا تسل عما تملك وأنت في عدم ولكن خُذ بالأسباب، انظر للجانب المشرق ستجد أنك لست في عدم.. وقوفك وأنت في وضعية السقوط لوحده قوة فكيف بك وأنت عند انتهاء السقوط تظل واقفاً وفوق ذلك تنادي.. هيا بنا إليها.
في تاريخ أمة الإسلام المواقف العظيمة والمضيئة لرجال الساسة نجدها تتحدث لنا لا لنبكي على أطلالها ولكن لتعلمنا منهج السير على دروب أولئكم الرجال الشرفاء ومن الشواهد على ذلك مشهد عظيم وفاصلة من فواصل الأمة الإسلامية في لحظة فارقة كان الإسلام فيها إما أن يكون أو لا يكون.
حروب الردة تلك الملحمة المفصلية في عز الحزن والفراق لحبيبينا وسيدنا وقرة عين كل مسلم نبي الأمة صلوات الله وسلامه عليه وفي عز بوادر انهيار الكيان الإسلامي الناشئ في وقتها الذي تهدده أعداء الداخل والخارج على حدٍ سواء فكان الصديق رضي الله عنه وأرضاه لها.. هيا بنا إليها.
والنتيجة نصرٌ مؤزر من رب العزة والجلالة، نتج عنه ثبات داخلي لكيان إسلامي ناشئ وبعده مباشره في سنوات قليلة على أيدي هذا الكيان الإسلامي الناشئ انهيار لإمبراطوريتين قويتين تملكان ما لهما من الإرث والحضارة والقوة.
لا تسل يا مسلم ولا تسل يا رجل السياسة المسلم عن الغد ولكن سل نفسك هل أخذتُ بالأسباب؟
لا تجعل يدك ترتعش ولا تفكر كثيراً من أجل أن تمضي في قرارك فالمُضي كبداية كُله خير فالخطوة الأولى حاجز نفسي لا أقل ولا أكثر وكسره يسير ما دُمت محصناً بيقين وإيمان عميقين بأن ربك لن يُضيع جهدك.
أنت تحتاج للحكمة وحسن التصرف فقط أثناء مُضيك في خطواتك التالية لأنه من البديهي أن تجد الشوك والعقبات في طريقك، الأهم أن لا تتوقف مهما كانت العوائق.
في الأمثال الشعبية قيل "في الحركة بركة" وما دُمت في حركة فأنت ستحصد البركة بإذن الله تعالى، البركة من الله تفتح لك أبواباً مُغلقة لا تتخيل أن تُفتح يوماً ما وتمنع عنك عثرات لا تتوقع إلا أن تراها أمامك ولا تجدها في حينها.
أمام التحالف الإسلامي العسكري فرصة ذهبية للمضي في قرار أُتُخِذ فأعلن في منتصف ليلة شاتية من برودته أشبه ما تكون الأمة الإسلامية فيها باردة منذ ما يقرب من القرن.
أما وقد أوقدتم النار فاصبروا وصابروا في تحلُّق جسد الأمة البارد حولها ليستشعر الدفء وما بعد الدفء في الشتاء إلا ربيع تتفتح أزهاره وينبت الزرع ويخضر فينتعش جسد الأمة الإسلامية من جديد على مناظر ربيعية طال انتظاره لها.
هيا بنا إليها..
لا تسل عن رضى روسيا وأمريكا والغرب وإيران ومن لف لفيفها فأبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه لم يسل في حروب الردة عن رضى المنافقين والمرتدين ومن خلفهم الفرس والروم.
لا تسئلون عن كل هذا التهافت من الأعداء وهم في أرضكم يعيثون ويسرحون ويمرحون.
لا تتساءلون عن ردة فعلهم كيف سـ تكون فخليفة رسول الله علمكم منذ 1400 عام..
( والله لو منعوني عناقاً "عقالاً" كانوا يؤدونها إلى رسول الله لقاتلتهم عليها ).
لا تتساءلون وكيف بكم وعمر رضي الله عنه وأرضاه قد فصّل وأوضح لنا قول أبي بكر بعد أن قاله..
( فو الله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكرٍ للقتال فعرفت أنه الحق ).
إن كان هذا القول والقرار الحاسم من صديق الأمة على من فرّق بين الصلاة والزكاة فكيف بنا نسأل ونتساءل عمن وطأ أرض المسلمين وعاث فيها فساداً ويحاول أن يستبدل الإسلام بإسلام مشوّه يوافق أهوائهم.
ما أشبه الليلة بالبارحة أعداء يحاولون فرض إسلام مشوّه علينا ويلصقون بنا تُهم هم كائديها وصانعيها.
هيا بنا إليها..
العزة والمنعة والكرامة قلاع تحتاج لشجاعة رجل واحد يوقد جذوتها ولا تسل بعدها عن شجعان ينبعثون من تحت الرماد غايتهم صدر الشرف.
هيا بنا إليها..
فالوردة يحفها الشوك لكن لم يمنعها ذلك من التفتح فتسر الناظرين بجمالها وتبهج الأنفس بعبقها ويتزود منها النحل رحيقاً يبني به عِماد مملكته.
هيا بنا إليها..
فالفجر ليس عنا ببعيد حتى نتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود لتشرق شمس الأمة الإسلامية بعد ذلك من جديد.
هيا بنا إليها..
رغم كل المصاعب فقسم ابن الخطاب ما بعده قسم ( فو الله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكرٍ للقتال فعرفت أنه الحق ).
مات كُل مُثبِط وكُل خوّانٍ أثيم يأتي من داخل هذا التحالف الإسلامي العسكري بعد إنشائه وعاش كُل مُجِّد لِلعُلى من داخل هذا التحالف الإسلامي العسكري شرح الله صدره للحرب كما شرح الله صدر أبي بكرٍ الصديق للحرب.
فاصلة:
أُرسم الأمل ثم ارفعه بكفيك دُعاءً لله تتضرع إليه أن يحققه إن لم يكن لك فلأبناء المسلمين من بعدك.
#عارف_الحيسوني
