إنه لمن النادر أن نخرج من حياتنا الدنيا إلى حياتنا الآخرة دون أن نمر بدروس تعلمنا و مواقف تُشكِّلنا. 


تُشكِّل شخصياتنا و تصقل ذواتنا. و لذلك قررت أن أشارككم ٣ دروس تعلمتها قبل أن أبلغ العشرين ربيعا:



الدرس الأول:


في ديسمبر 2018 تعرضت لانتكاسة صحية ، تضمنت إصابتي بالسكر من النوع الثاني و تسممٍ في الدم أدَّى لحمضيته مما نتج عنه توقف الكلى عن العمل شهراً ، و اضطراري لتجربة غسيلها. قبل ذلك كُلَّه ألمت بي غيبوبة لمدة خمس أيام.


إن مما ذكرته لكم آنفاً سببه الأكل المفرط و الكسل الخامد. كنت آكل كثيرا و أتحرك قليلاً ، خرجت من هذه التجربة بصعوبة بالغة ماكنت لأنجو منها إلا بفضلٍ من الله. نتج عن ما مررت به تعلمَّي درسيَن مهمين:


    • في المواقف الشديدة و المصاعب المنيعة لن يقف معك سوى أهلك و أهلك فقط. ما كنت لأنجو بعد فضل الله إلا بمعونةٍ نفسيةتمثلت في مساندتهم لي.
    • " كُل ما يقيم صلبك و يقوِّي أودك" و لا تُكثر. و ما ملأ ابن آدم وعاءٌ شرٌ من بطنه. إن الله سيسألنا عن صحتنا و كيف قضينا العمر في محاولة الحفاظ عليها. ليكن جوابك عندما يسألك أنك بذلت ما في وسعك في الحفاظ على ما منحك إياه. ابتعد عن السكريات و المقليات و الأطعمة السريعة و حافط على روتين رياضي يومي.



 الدرس الثاني:


    في سبتمبر 2018 و في بداية السنة التحضيرية في جامعة الملك سعود ، كانت أول رغباتي بعد أن وطأت قدماي مبنى التحضيري دراسةالقانون في كلية الحقوق و العلوم السياسية. كنت جاهلاً للدرجة التي تقضي بأن لا أفكر في بذل المزيد من الجهد و المنافسة في الحصول على مقعدٍ لدراسة الحقوق. أهملت ظناً مني أن القانون سيأتيني راغبًا و طامعاً في أن أدرسه. انتهت التحضيرية و رسبت في مقررالإحصاء و لم أُقبل في الحقوق. زملائي درسوا فصلاً واحداً (مدة التحضيري) و أنا درست سنةً كاملة. تعلمت من هذه التجربة المؤلمة...درساً مؤلماً ، مفاده:

  •   إذا عزمت على أمرٍ فلا يثينك عنه كسلك أوله. فإنك إن كسلت و خملت ضعف أملك في الحصول عليه ولربما صعب عليك كسبه. و إن نلته بعد تصرَّمِ أوانه فإنما تناله بمشاق أنت في غنى عنها إن عزمت أمرك و شددت عزمك في أول مطلبك.



الدرس الثالث:


في نهاية مايو 2019 فارقنا إلى الدار الباقية خالي - يرحمه الله - كُنت قبل أسبوع من موارته الثراء في لقاءٍ معه و مع إخوته و أخواته. لم أكن أعلم و لم نكن نعلم بأن هذا اللقاء هو اللقاء الأخير. لو علمتُ و علمنا لبُحنا بما في قلوبنا له. تعلمت من هذا الفقد المؤلم:


  • أننا يا أحبة لا نعلم متى نُفارِق أو نُفارَق فلنجعل مشاعرنا تطفو على مياه الخجل. لنبح بها لأحبتنا. لنسمعهم ما في قلوبنا قبل أن نتمنى قيامهم من قبورهم و لو لثانية واحدة لإخبارهم أننا افتقدناهم. دعونا لا ننتظر إلى ذلك الحين. لقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمر صحابته الكرام بأن لا يخفو مشاعرهم عن من يحبون ، "إذا أحب أحدكم أخاه فُليعلمه إياه" هكذا كان الرسول الكريم.  لا يتورع عن البوح بمشاعره خجلاً ، و لكم في رسول الله أسوة حسنة. لا تتورع عن البوح بمشاعرك ، فساعة الفراق لا تعذرُ خجلك و لا تستأذنك.