"انت وحدك.. هل تفهم؟!
لا أحد في هذا العالم ..
الجميع سيرحلون، الجميع لديهم حياة وفرصاً أهم من صداقتك وحبك
عليك أن تتدبر أمرك بنفسك من الآن فصاعدا، لا تنتظر أن يُخلصك أحدٌ لأن أحداً لن يأتي، الذين تُناديهم على وجه الخصوص لن يأتوا.."
وجدت تلك الكلمات مكتوبة في دفتري، مقطوع وصلها بماء عيني الذي تدفق حينها على الورق..
تنهدت باابتسامة حزينة وأنا اردد داخلي كلمات " مصطفى ابراهيم"
"يا سبحان اللي بيعودنا ع الحاجة.. فننساها
وبيخفف كاسات الناس بميَّة بدال مايملاها
عشان طعم اللي فيها يروح، عشان طعم اللي فيها يخف..
يقولوا -مجازاً- المجروح.. إذا خد ع الوجع، بيخف".
..
اتذكر تلك اللحظات جيداً وتلك الشعور الذي دفعني لكتابة هذه الكلمات ..اتذكر الرعشة وبرودة الأطراف .. وكم عشت ليال طويلة من حزن، وكيف أصبحت ف حالٍ دفعت الجميع أن ينفضّ من حولي .. كنت أرى العالم ليلٌ دامس لا يلمع فيه إلا الكذب، أرى الأصدقاء أشباه ظلال تسير معي دون جدوى، كنت أراني طريقاً فرعياً ف طريق حياة الذين احببتهم الرئيسي_الذين وعودوا بالبقاء إلى الأبد وحين اندلعت معركتنا وبدأت الحياة ترمينا بالهموم انسحبوا وذابوا ف غبار المعركة_ بدأت أشعر حينها أن الحياة ستضرب قلبي كلما مددت يدي لأحدٍ ما، وكأنها تُصيح في وجهي كن لنفسك، كن لذاتك.. الجميع يرحلون وأنت باق وحدك في هذه الليالي الطويلة.
"و لولا ربط الله على القلُوبِ وقتَ المِحن لذهبَت العقُول.."
فكانت روحي كالأرض الميتة المليئة بالشقوق والتي لا تطرح سوى الخواء الأجوف...
وأَحْيَيْنَاهَا
لطالما آمنت بلطف الله الخفي، فلا أدري كيف يفتح الله الأبواب، وكيف يمدنا بقوته ويمنحنا نوره لنظل نحمده دوماً إلى يوم الدين
فمنّ الله على روحي بالحياة مرة أخرىومن لطف أقدار الله أن ذواتنا ابداً لن تصل للحد الذي يتعذر فيه النهوض من جديد، وأن العتمة لا تبتلعنا بالكلية_تكسرنا وتمزقنا لكنها لا تستطيع تدميرنا_ بل تساعدنا ف اكتشاف قدرات أنفسنا التي لم نكن نعلم أنها موجودة، وأن كل أزمة تفتح أفقاً أعمق وأوسع لفهم الحقيقة هذا بدوره يساعد النفس ف التعافي من الألم والمعاناة وإيجاد سبل النجاة ..
وكل شخص يتعامل مع ألم_لايمكن تصوره_ على طريقته الخاصة
البعض ينجو ويتحدث، والبعض ينجو ويمضي ف صمت، والبعض ينجو ويُبدع.. فالنجاة حتماً ضرورية مهما كان عدد الحفر التي نقع فيها مراراً وتكراراً
ولابد أن ندرك أن الحياة سفر والسفر مظنة المشقة، وأن للمحن أوقات وغايات، ومن تعب اليوم نُدرك مفاز الغد .. كل ما علينا فعله أن نعيش باأقل قدر من الخسارة النفسية، وباأقل قدر ممكن من المعاناة، وهذا يعني أن نتغافل قدر مانستطيع عن صغائر الأمور وسخف الأفعال والأقوال، لا نتورط فيما يستنزف وقتنا او مشاعرنا وكل مايعوقنا عن تطوير ذواتنا، وألا نغرس في قلب أحدٍ شعورًا لسنا أهلًا له، لا نملك المقدرة على مواصلة الركض فيه..
...
احذر أن تقع ضحية لافتراس الفراغ المهلك وقلة الوعي..