رضا تلميذ في الِابتدائي هو من أكثر التلاميذ اِجتهادا و خُلُقا ، كان يتلقّى حبّا شديدا من مدرّسه دونا عن كلّ الذّكور في قسمه الذين كانوا متهاونين ووقحين معه ، فلا يحترمونه و يزعجونه بسخريتهم داخل المدرسة وخارجها ، ومن حبه له كان يُجلسه في الطاولة الأولى و يمدحه في كلّ وقت ، بل وكان يقارنه بذكور القسم فينهال عليهم بوابل من الشتائم و يدعوهم للاِقتداء به .
كلّ هذا جعل زملاءه الذّكور يعزلونه و يرفضون الجلوس معه او محادثته، و يسخرون منه مؤكّدين أنهم يعدّونه زميلة من زميلاتهم و الاختلاط بالبنات حرام...!!! ...تأثّر رضا كثيرا بسوء معاملتهم وملّ من الجلوس وحيدا ينظر إليهم وهم يركضون و يلعبون في ساحة المدرسة وقرر أن يتقرب منهم بأي طريقة و سيفعل أي شيء لإرضائهم....
عاد الأطفال للقسم بعد فسحة دامت بضع دقائق ، وكان الأولاد قد اتّفقوا على تعذيب مدرسهم قليلا كما يفعلون دائما
وكانت الخطة هذه المرة ان يربطوا خيطا رفيعا بين طاولتين في صفين مختلفين...ثم يفتعلون شجارا و يرفعون اصواتهم وعند قدوم معلمهم مسرعا لفضّ النزاع سيتعثّر في الخيط ويسقط ...و بعد نصف ساعة من دخولهم حققوا ما أرادوه ونجحت خطتهم....فسقط المعلم و سقط طقم أسنانه فخبّأه أحد الأطفال المشاغبين وتركه يصرخ و يبحث وهم منهارين من الضحك.....و استغل رضا الفرصة ليكسب محبّتهم فضحك ضحكة خفيفة على معلمه وهو في تلك الحالة و الحقيقة أن كل من في القسم ضحكوا حتى البنات....
ما إن رأى المعلم رضا يبتسم حتى أوقف بحثه عن طقم أسنانه و أسرع نحوه...وهو يصرخ: حتى انت يا رضا ....!!!
ثم أوسعه ضربا و كأنه صب كل غضبه عليه...وأسمعه كلمات لاذعة أكّد فيها خيبة أمله فيه ...
عاد رضا لبيته منهارا، وارتمى في حضن أمه و قص عليها ما حدث ، و الظلم الذي أحس به كونه ابتسم فقط و مقارنة بما فعله زملاءه فهم من يستحقون الضرب وليس هو ، كما اشتكى من وحدته و رفض الجميع الجلوس معه ...
ابتسمت أمه وقالت : لأن معلمك يحبك كان ينتظر منك أن تنهض وتساعده لا ان تجلس وتبتسم ...فهو رأى خطأك لأنه لم يتوقعه منك...أما هم فهو يئس منهم و ينتظر منهم الخطأ يوميا ...و أيضا أخطاؤهم تلك كالوسخ وهم ذباب يلتفون حولها أما انت فزهرة لا يلتف حولك الا من يريد العسل...
يابني تذكر أن الوسخ لا يظهر على الوسخ ولكنه يظهر على أصنع الثياب
وتذكر أن النحل يرعى على الزهر
ويرعى على الوسخ الذباب