الحرية...
رغم الهالة التي تحيط بالحرية إلا أنها في حقيقتها قيد تمتلكه أنت فقط،
وأنت وحدك من يملك حق التصرف وفق هذا القيد الذي منحك إياه خالقك.
العجيب في الأمر أن البشر مازالوا يحاولون السيطرة على بعضهم وسلبهم هذا الحق للتحكم فيهم.
ولحسن الحظ أنهم لم ولن يتمكنوا من سلبك حريتك أو تقييدها إلا برغبتك؛
فقيودك على فكرك وروحك وقلبك ملك لك وحدك،
وأنت وحدك من تصنع هذه القيود؛ بتحملك المسؤولية كاملة أمام نفسك وقبلها أمام خالقك عن حريتك؛ وكيف أنك تنطلق فيها وفق المبادئ الإنسانية التي ترضي خالقك،
وتراعي فيها قيم المجتمع الذي تعيش فيه ...
لكن تبقى القيود على الجسد محل نزاع بين البشر،
فهم مازالوا يملكون القدرة على تقييد حرية جسدك الذي يحوي قلبك وعقلك وروحك،
ليبقى هذا هو السبب الأول والأخير للصراع البشري؛ وهو تدخل البشر في حريات بعضهم ومحاولة تقييدها بأي شكل.
إن الله -بفضله ومنته- حرم البشر جميعا القدرة على تقييد حريات بعضهم،
فحريتك الفكرية والوجدانية والروحية ملك لك وحدك.
لكن حريتك الجسدية ستظل قيدا تتازعه مع الآخرين،
وسيظل عليك ألا تتوقف عن محاولات حمايتها، مستعينا بحسن تقديرك لذاتك، وقوة إرادتك وسلامة ضميرك وسمو خيالك.
والعدل هو القانون الإلهي الذي يضمن حق البشر جميعا في المحافظة على حرياتهم،
لكن تفسير هذا القانون يخضع للاختلاف بين قيم البشر ومفاهيهم، التي لم ولن تستقيم إلا في ضوء الضمير المستمد من الإيمان بالله، ولن تتطور -أعني مفاهيم البشر- إلا في ضوءالخيال المستمد من الإيمان بالغيب.
إننا نعجز عن حماية الحقوق التي منحنا إياها خالقنا مادمنا قاصرين عن إدراك عظمة هذه الروح التي نفخها الله فينا، والتي لاينبغى أن يقيدها أي شيء سوى الإيمان بخالقها.
كما أننا سنظل عاجزين عن حماية حريتنا مادامت إرادتنا تقصر عن حمل رسالتنا التي خلقنا الله من أجلها، والتي لايمكننا القيام بها على الوجه الأمثل في ظل القيود الخارجية.
إن البشر يتفاضلون عند الله بالتقوى التي تعني القدرة على الانضباط الذاتي على مايرضي خالقهم،
كما أنهم يتفاضلون بين بعضهم بقدرتهم على حماية حرياتهم المقيدة بالمبادئ الإنسانية التي لايختلف عليها اثنان في كل زمان ومكان.
الحرية أن أمتلك وحدي صناعة قيودي.
🖌حنان اللحيدان