كثيرٌ مانُعاتب ونقول : أمتنا نائمة ! حسنًا ، وما الجديد ؟! لاشيء سِوى أننا نرثي أنفسنا بأنفسنا نشكّل الحروف ونختار العبارات الأقرب إلى ضعفنا ..

نتسابق من يرثي ذلك الحدث الحزين أولًا ، نصمم لهُ الصور ، ونضيف عليه لمسات الذل المختلفة ، ونختار لها اللّون الرمادي ، فهي أجمل من غيرِ بياض .. أليـسَ كذلك ؟!

منذُ صغري وأنا أسمع بكلمة ( عِزَّة ) ماهي ؟! فقد شغفتني حُبًا ، ولستُ أراها ، بحثتُ وكلّي يشتاق لها ، لكنّي لم أجدها إلا بين طيّات الكتب ، ماكنت أدري أنها كهذا .. فقط تكتب !

المعنى ناقص ، بحثتُ عنها أكثر ، فرأيتُ العرب كثيرًا ماتتغنّى بها ، ولطالما رأيتُ بني قومي يهتفون معهم بصوتٍ يحتويه الإعتزاز الكبير ، لكنّي أحسستُ بنقصٍ عظيم .. فالواقع شاهدٌ يُكذَّب !

تساءلت حينها ، ألسنا أمّة شاعرة ؟! تقول ما لا تفعل ، وتهيمُ في كل وادٍ ، تظل تندب وتلطم لأمجادٍ سالفة : أين مثل سيف الله خالد ؟! أين كمن صلاح الدين ؟! تنادي من فراغ إلى فراغ !

نحنُ نخادع أنفسنا بكل صراحة : فالأُمّة لا تحتاج أشعار تكتب ليُعاد نشرها ، ولا تحتاج رثاء كلمات نكتبها يومًا فننساها دهرًا ، ولا تحتاج دمعات نتباكى بها .. لطالما شبابها غافل !

أين رجالُ الأُمّة ؟! إني مللتُ رؤية شبابها بالتسريحة المائِلة والمشيه المتعرجة ، والأصوات الناعمة ، أينهم ؟! أكاد من قهري أجزم أن ليسَ في أمتي إلا النّسـاء !

قديمًا كانَ الشاب تصيبه ضربة في معركة ، فتقطع يده من كتفه وتلبث متعلقة به ، فتؤذيه وتعيقه عن القتال ، فيعمد إلى أصابع يده المقطوعة ، فيدوس عليها بقدمه ثمَّ يتمطّى حتى يبترها ثم يلقيها ويعود لجهاده ..

والآن ترى الشاب منّا يزاحم المرأة لي كل شيء لها ، فيخطر في الشارع كالعروس في ليلة الزفاف ، وإذا شاكته شوكة أو لفحته الشمس أوى إلى الفراش !

يالله ! كم أصبح تاريخنا مضحك ؟! تجد المسلم في بورما يباع بثمن بخس ليصبح خادمًا لدى الهندوسي الكافر ، والمسلم السنَّي في العراق يُحرق ليتدفَّى به الرافضي المشرك ، ثمَّ ترى المسلم في الشام يُهجَّر ويُعذَّب ويُقتَّل .. وهو المسكين يلهج بكلمات الغرب ، مُستقيمًا على صراط الموضة ، لا يشعر بأمّته التي ينتمي إليها !

إيهٍ يا شباب الأُمَّة ! ما الأُمّة إلا أنا وأنتم ، وهم وهنّ ، فإذا لم يصلح كل منّا نفسه لم يكن للأُمّة صلاح ، لا بدَّ أن نستيقظ وننفظ الغبار المتراكم علينا وننهض ، فالنّصر ينبع من بين أيدينا ، نصلح أنفسنا أولًا ، ونصارع الذنب حتى نتركه ، فإن عجزنا غمرناهُ بوابل الحسَنات ، الأهم ألا نترك الإصلاح ، فإن داومنا عليهِ نظفر .. ونُبدد هذه السنين العُجاف ..

ياصاح أمّـتك أمّتـك .. حاول ألا تنزفَ أكثر !