استوقفني هذا الحديث وأخذت أفكر فيه ملياً، كيف يكون حال المسلم في شهر رمضان المبارك من صيام، وقيام، وتلاوة للقرآن الكريم، وإكثار من الذكر، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ومداومة على الصدقة، وغيرها من الأعمال الصالحة، كما لا يغيب عن الصائم - عند عدم رضاه وغضبه من الآخرين - قوله: "إني صائم"؛ مجاهداً نفسه ليصل بصيامه إلى أتمه ليتقبله الله عز وجل.
فكيف عندما يعلم هذا المجاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بعمل نبلغ به درجة هذا الجهاد في الصيام، فقد جاء في سنن أبي داود عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم". ( كما رواه الإمام أحمد وصححه الالباني ).
وقد جاء في شرح الحديث للعظيم أبادي صاحب عون المعبود: "أي قائم الليل في الطاعة وإنما أعطي صاحب الخلق الحسن هذا الفضل العظيم لأن الصائم والمصلي في الليل يجاهدان أنفسهما في مخالفة حظهما، وأما من يحسن خلقه مع الناس مع تباين طبائعهم وأخلاقهم فكأنه يجاهد نفوسا كثيرة فأدرك ما أدركه الصائم القائم فاستويا في الدرجة بل ربما زاد".
لذلك أخي المسلم أختي المسلمة يجب علينا أن يكون ديننا متمثلا فينا في محاسن الأخلاق وكريم التعامل مع الآخرين.
وهذه دعوة للتأمل:
* فهل فكرت يوماً أن تصافح الناس بابتسامتك قبل يدك؟ وهل ستعانقهم بقلبك المحب قبل حضنك الدافئ؟
* هل بإمكاننا إعطاء الفرصة للآخرين للتعبير عن مشاعرهم والانصات بتفهم وتقبل للأفكار المخالفة؟
* ترك انطباع رائع لمن حولي بسمت الهدوء في أقوالي وأفعالي.
* اللبقون أناس متميزون دائماً، هل فكرت يوماً أن تكون الأكثر لباقة في المجلس؟ لذلك عند حديثك انتقِ عباراتك بعناية.
* الابتعاد عن الجدل الذي لا طائل منه، والنقاش العقيم الخاوي من البحث عن الحقيقة والتزود بالمعرفة.
* تحدث عما تعرفه، ولا يستدرجنك حديث لا تهتم به ولا يعنيك، فبعض الناس لا نرتاح لهم لمجرد خوضهم في ما لا يعنيهم أو أن كلامهم أجوف لقلة معرفتهم بما يتحدون عنه.
* ابتعد عن المزاح قدر الإمكان واحرص أن تكون لطيفاً وليس أضحوكة، فالمزاح الزائد عن حده يزيل الهيبة في أحايين كثيرة.
* من الجميل أن تكون متسامحاً دائماً مع الآخرين، وأمعن النظر، فأنت الأفضل بقلبك الكبير المتسامح.
* عندما يحتدم النقاش بين من حولك لتكن مشاركتك فيصلاً للنقاش أو لتغيير مساره نحو وجهة نظر مقاربة بين الطرفين.
* اعلم أن احترامك لغيرك مهما كان سنه أو مكانته دليل على احترامك لذاتك.
هذا غيض من فيض...
وليكن نُصبَ عينيك الأجر العظيم الذي وعدك به النبي الأمين عليه الصلاة والسلام على حُسنِ خُلُقِك.